Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 36-37)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ولقد أنذر لوط قومه بطشتنا التي بطشناها قبل ذلك { فَتمارَوْا بالنُّذُر } يقول : فكذّبوا بإنذاره ما أنذرهم من ذلك شكاً منهم فيه . وقوله : { فَتمارَوْا } تفاعلوا من المرية . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل : ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَتَمارَوْا بالنُّذُرِ } لم يصدّقوه ، وقوله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ } يقول جلّ ثناؤه : ولقد راود لوطاً قومه عن ضيفه الذين نزلوا به حين أراد الله إهلاكهم { فَطَمَسْنا أعْيُنَهُم } يقول : فطمسنا على أعينهم حتى صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شقّ ، فلم يبصروا ضيفه . والعرب تقول : قد طمست الريح الأعلام : إذا دفنتها بما تسفي عليها من التراب ، كما قال كعب بن زُهَير : @ مِنْ كُلّ نَضَّاخَةِ الذّفْرَى إذَا اعْترَقَتْ عُرْضَتُها طامِسُ الأعْلام مَجْهُولُ @@ يعني بقوله : طامِسُ الأعْلامِ : مندفن الأعلام . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ } قال : عمى الله عليهم الملائكة حين دخلوا على لوط . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ } وذُكر لنا أن جبريل عليه السلام استأذن ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطاً ، وأنهم عالجوا الباب ليدخلوا عليه ، فصفقهم بجناحه ، وتركهم عمياً يتردّدون . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ } قال : هؤلاء قوم لوط حين راودوه عن ضيفه ، طمس الله أعينهم ، فكان ينهاهم عن عملهم الخبيث الذي كانوا يعملون ، فقالوا : إنا لا نترك عملنا فإياك أن تُنْزِل أحداً أو تُضيفه ، أو تدعه ينزل عليك ، فإنا لا نتركه ولا نترك عملنا . قال : فلما جاءه المرسلون ، خرجت امرأته الشقية من الشقّ ، فأتتهم فدعتهم ، وقالت لهم : تعالوا فإنه قد جاء قوم لم أر قطّ أحسن وجوهاً منهم ، ولا أحسن ثياباً ، ولا أطيب أرواحاً منهم ، قال : فجاؤوه يهرعون إليه ، فقال : إن هؤلاء ضيفي ، فاتقوا الله ولا تحزوني في ضيفي ، قالوا : أو لم ننهك عن العالمين ؟ أليس قد تقدمنا إليك وأعذرنا فيما بيننا وبينك ؟ قال : هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فقال له جبريل عليه السلام : ما يهولك من هؤلاء ؟ قال : أما ترى ما يريدون ؟ فقال : إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ، لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك ، لتصنعنّ هذا الأمر سرّاً ، وليكوننّ فيه بلاء قال : فنشر جبريل عليه السلام جناحاً من أجنحته ، فاختلس به أبصارهم ، فطمس أعينهم ، فجعلوا يجول بعضهم في بعض ، فذلك قول الله : { فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ } . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ } جاءت الملائكة في صور الرجال ، وكذلك كانت تجيء ، فرآهم قوم لوط حين دخلوا القرية . وقيل : إنهم نزلوا بلوط ، فأقبلوا إليهم يريدونهم ، فتلقَّاهم لوط يناشدهم الله أن لا يخزوه في ضيفه ، فأبوا عليه وجاؤوا ليدخلوا عليه ، فقالت الرسل للوط خلّ بينهم وبين الدخول ، فإنا رسل ربك ، لن يصلوا إليك ، فدخلوا البيت ، وطمس الله على أبصارهم ، فلم يروهم وقالوا : قد رأيناهم حين دخلوا البيت ، فأين ذهبوا ؟ فلم يروهم ورجعوا . وقوله : { فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ } يقول تعالى ذكره : فذوقوا معشر قوم لوط من سدوم ، عذابي الذي حلّ بكم ، وإنذاري الذي أنذرت به غيركم من الأمم من النكال والمثلات .