Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : إنما المناجاة من الشيطان ، ثم اختلف أهل العلم في النجوى التي أخبر الله أنها من الشيطان ، أيّ ذلك هو ، فقال بعضهم : عُنِي بذلك مناجاة المنافقين بعضهم بعضاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّمَا النَّجْوَى مِن الشَّيْطان لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا } كان المنافقون يتناجون بينهم ، وكان ذلك يغيظ المؤمنين ، ويكبر عليهم ، فأنزل الله في ذلك القرآن { إنَّمَا النَّجْوَى مِن الشَّيْطان لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارّهِمْ شَيئاً } … الآية . وقال آخرون بما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله عزّ وجلّ { إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارّهِمْ شَيئاً إلاَّ بإذْنِ اللَّهِ } قال : كان الرجل يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله الحاجة ليرى الناس أنه قد ناجى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يمنع ذلك من أحد . قال : والأرض يومئذ حرب على أهل هذا البلد ، وكان إبليس يأتي القوم فيقول لهم : إنما يتناجون في أمور قد حضرت ، وجموع قد جمعت لكم وأشياء ، فقال الله : { إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا } … إلى آخر الآية . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : كان المسلمون إذا رأوا المنافقين خلوا يتناجون ، يشقّ عليهم ، فنزلت { إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا } . وقال آخرون : عُنِي بذلك أحلام النوم التي يراها الإنسان في نومه فتحزنه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن داود البلخي ، قال : سئل عطية ، وأنا أسمع الرؤيا ، فقال : الرؤيا على ثلاث منازل ، فمنها وسوسة الشيطان ، فذلك قوله { إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ } ومنها ما يحدّث نفسه بالنهار فيراه بالليل ومنها كالأخذ باليد . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عُنِي به مناجاة المنافقين بعضهم بعضاً بالإثم والعدوان ، وذلك أن الله جلّ ثناؤه تقدم بالنهي عنها بقوله { إذَا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بالإثْم والعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ } ثم عما في ذلك من المكروه على أهل الإيمان ، وعن سبب نهيه إياهم عنه ، فقال : { إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا } فبين بذلك إذ كان النهي عن رؤية المرء في منامه كان كذلك ، وكان عقيب نهيه عن النجوى بصفة أنه من صفة ما نهى عنه . وقوله : { وَلَيْسَ بِضَارّهِمْ شَيْئاً إلاَّ بإذْنِ اللَّهِ } يقول تعالى ذكره : وليس التناجي بضارّ المؤمنين شيئاً إلا بإذن الله ، يعني بقضاء الله وقَدَره . وقوله { وَعَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ } يقول تعالى ذكره : وعلى الله فليتوكل في أمورهم أهل الإيمان به ، ولا يحزنوا من تناجي المنافقين ومن يكيدهم بذلك ، وأن تناجيهم غير ضارّهم إذا حفظهم ربهم .