Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 12-12)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : ياأيها الذين صدقوا الله ورسوله ، إذا ناجيتم رسول الله ، فقدّموا أمام نجواكم صدقة تتصدّقون بها على أهل المسكنة والحاجة { ذَلكَ خَيْرٌ لَكُمْ } يقول : وتقديمكم الصدقة أمام نجواكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خير لكم عند الله { وأطْهَرُ } لقلوبكم من المآثم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمر ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } قال : نُهُوا عن مناجاة النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى يتصدّقوا ، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، قدّم ديناراً فتصدّق به ، ثم أنزلت الرُّخصة في ذلك . حدثنا محمد بن عبيد بن محمد المحاربي ، قال : ثنا المطلب بن زياد ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : قال عليّ رضي الله عنه : إن في كتاب الله عزّ وجلّ لآية ما عمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة } قال : فُرضت ، ثم نُسخت . حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن شبل بن عباد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة } قال : نهوا عن مناجاة النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى يتصدّقوا ، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، قدّم ديناراً صدقةً تصدّق به ، ثم أنزلت الرخصة . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت ليثا ، عن مجاهد ، قال : قال عليّ رضي الله عنه : آية من كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، فكنت إذا جئت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم تصدقت بدرهم ، فنسخت فلم يعمل بها أحد قبلي { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } قال : سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة ، فوعظهم الله بهذه الآية . وكان الرجل تكون له الحاجة إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يستطيع أن يقضيها حتى يقدّم بين يديه صدقة ، فاشتد ذلك عليهم ، فأنزل الله عزّ وجل الرخصة بعد ذلك { فإنْ لَمْ تَجِدُوا فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } قال : إنها منسوخة ما كانت إلا ساعة من نهار . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } … إلى { فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } قال : كان المسلمون يقدّمُونَ بين يدي النجوى صدقة ، فلما نزلت الزكاة نُسخ هذا . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } وذاك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه ، فأراد الله أن يخفف عن نبيه فلما قال ذلك صبر كثير من الناس ، وكفوا عن المسألة ، فأنزل الله بعد هذا { فإذَ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ } فوسَّع الله عليهم ، ولم يضيق . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عثمان بن أبي المغيرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ ، عن عليّ ، قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ما تَرَى ؟ دِينارٌ ؟ " قال : لا يطيقون ، قال : " نِصْفُ دِينارٍ ؟ " قال : لا يطيقون ؟ قال : " ما تَرَى ؟ " قال : شعيرة ، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إنَّكَ لَزَهِيدٌ " قال عليّ رضي الله عنه : فبي خفف الله عن هذه الأمة ، وقوله : { إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } فنزلت { أأشْفَقْتُمْ أنْ تُقدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقاتٍ } حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } لئلا يناجي أهل الباطل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيشُقّ ذلك على أهل الحقّ ، قالوا : يا رسول الله ما نستطيع ذلك ولا نطيقه ، فقال الله عزّ وجلّ : { أأشْفَقْتُمْ أنْ تُقدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقاتٍ فإذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فأقِيمُوا الصَّلاَةَ وآتُوا الزَّكاةَ } وقال : { لا خَيْرَ في كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ ، إلاَّ مَنْ أمَرَ بِصدَقَةٍ أوْ مَعْرُوفٍ أوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ } من جاء يناجيك في هذا فاقبل مناجاته ، ومن جاء يناجيك في غير هذا فاقطع أنت ذاك عنه لا تناجه . قال : وكان المنافقون ربما ناجوا فيما لا حاجة لهم فيه ، فقال الله عزّ وجلّ : { ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نَهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بالإثْم والعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ } قال : لأن الخبيث يدخل في ذلك . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، عن الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة والحسن البصري قالا : قال في المجادلة : { إذَا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة ذلكَ خَيْرٌ لَكُمْ وأطْهَرُ فإنْ لَمْ تَجدُوا فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } فنسختها الآية التي بعدها ، فقال : { أأشْفَقْتُمْ أنْ تُقدّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقاتٍ فإذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فأقِيمُوا الصَّلاة وآتُوا الزَّكاةَ وأطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } وقوله : { فإنْ لَمْ تَجِدُوا } يقول تعالى ذكره : فإن لم تجدوا ما تتصدّقُون به أمام مناجاتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم { فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } يقول : فإن الله ذو عفو عن ذنوبكم إذا تبتم منها ، رحيم بكم أن يعاقبكم عليها بعد التوبة ، وغير مؤاخذكم بمناجاتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تقدّموا بين يدي نجواكم إياه صدقة .