Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 10-10)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : والذين جاءوا من بعد الذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبل المهاجرين الأوّلين { يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا ولإِخْوَانِنا الَّذِينَ سَبَقُونا بالإيمَان } مِنَ الأنصار . وعنى بالذين جاءوا من بعدهم المهاجرون أنهم يستغفرون لإخوانهم من الأنصار . وقوله : { وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غَلاّ للَّذِينَ آمَنُوا } يعني غمراً وضغناً . وقيل : عني بالذين جاءوا من بعدهم : الذين أسلموا من بعد الذين تبوّءوا الدار . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { والَّذِينَ جاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ } قال : الذين أسلموا نعتوا أيضاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ثم ذكر الله الطائفة الثالثة ، فقال : { والَّذِينَ جاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا وَلإخْوَانِنا } حتى بلغ { إنَّكَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ } إنما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يؤمروا بسببهم . وذُكر لنا أن غلاماً لحاطب بن أبي بلتعة جاء نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبيّ الله ليدخلنَّ حاطب في حيّ النار ، قال : " كذبت إنه شهد بدراً والحُديبية " وذُكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أغلظ لرجل من أهل بدر ، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : " وَما يُدْريكَ يا عُمَرُ لَعَلَّهُ قَدْ شَهِدَ مَشْهَداً اطَّلَعَ اللَّهُ فِيهِ إلى أهْلِهِ ، فأشْهَدَ مَلائِكَتَهُ إنُي قَدْ رَضِيتُ عَنْ عِبادي هَؤلاء ، فَلْيَعْمَلُوا ما شاءُوا " فما زال بعضُنا منقبضاً من أهل بدر ، هائباً لهم ، وكان عمر رضي الله عنه يقول : وإلى أهل بدر تهالك المتهالكون ، وهذا الحيّ من الأنصار ، أحسن الله عليهم الثناء . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غلاّ لِلَّذِينَ آمَنُوا } قال : لا تورث قلوبنا غلاً لأحد من أهل دينك . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن ابن أبي ليلى ، قال : كان الناس على ثلاث منازل : المهاجرون الأوّلون { وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسانٍ وَالَّذِينَ جاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا ولإخْوَانِنا الَّذِينَ سَبَقُونا بالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } يقول جلّ ثناؤه مخبراً عن قيل الذين جاءوا من بعد الذين تبوّءوا الدار والإيمان أنهم قالوا : لا تجعل في قلوبنا غلاً لأحد من أهل الإيمان بك يا ربنا . قوله : { إنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } يقول : إنك ذو رأفة بخلقك ، وذو رحمة بمن تاب واستغفر من ذنوبه .