Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 131-131)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ } : أي إنما أرسلنا الرسل يا محمد إلى من وصفت أمره ، وأعلمتك خبره من مشركي الإنس والجنّ يقصون عليهم آياتي وينذرونهم لقاء معادهم إليّ ، من أجل أن ربك لم يكن مهلك القرى بظلم . وقد يتجه من التأويل في قوله : « بظلم » وجهان : أحدهما : { ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ } : أي بشرك من أشرك ، وكُفْر من كفر من أهلها ، كما قال لقمان : إنَّ الشَّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ . { وأهْلُها غافِلُونَ } يقول : لم يكن يعاجلهم بالعقوبة حتى يبعث إليهم رسلاً تنبههم على حجج الله عليهم ، وتنذرهم عذاب الله يوم معادهم إليه ، ولم يكن بالذي يأخذهم غفلة فيقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير . والآخر : { ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بظُلْمٍ } يقول : لم يكن ليهلكهم دون التنبيه والتذكير بالرسل والآيات والعبر ، فيظلمهم بذلك ، والله غير ظلام للعبيد . وأولى القولين بالصواب عندي القول الأوّل ، أن يكون معناه : أن لم يكن ليهلكهم بشركهم دون إرسال الرسل إليهم والإعذار بينه وبينهم ، وذلك أن قوله : { ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ } عقيب قوله : { ألَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي } فكان في ذلك الدليل الواضح على أن نص قوله : { ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ } إنما هو إنما فعلنا ذلك من أجل أنا لا نهلك القُرَى بغير تذكير وتنبيه . وأما قوله : { ذَلِكَ } فإنه يجوز أن يكون نصباً ، بمعنى : فعلنا ذلك ، ويجوز أن يكون رفعاً بمعنى الابتداء ، كأنه قال : ذلك كذلك . وأما « أن » فإنها في موضع نصب بمعنى : فعلنا ذلك من أجل أن لم يكن ربك مُهْلِك القرى ، فإذا حذف ما كان يخفضها تعلق بها الفعل فنصب .