Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 14-14)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المشركين العادلين بربهم الأوثان والأصنام ، والمنكرين عليك إخلاص التوحيد لربك ، الداعين إلى عبادة الآلهة والأوثان : أشيئاً غير الله تعالى أتخذ ولياً أستنصره وأستعينه على النوائب والحوادث ؟ كما : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { قُلْ أغَيْرُ اللَّهِ أتَّخِذُ وَلِيًّا } قال : أما الوليّ : فالذي يتولونه ويقرون له بالربوبية . { فاطِرِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } يقول أشيئاً غير الله فاطر السموات والأرض أتخذ ولياً ؟ ففاطر السموات من نعت الله وصفته ولذلك خفض . ويعني بقوله : { فاطِرِ السَّمَواتِ والأرْضِ } مبتدعهما ومبتدئهما وخالقهما . كالذي : حدثنا به ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، قال : سمعت ابن عباس يقول : كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما لصاحبه : أنا فطرتها ، يقول : أنا ابتدأتها . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { فاطِرِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : خالق السموات والأرض . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { فاطِرِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : خالق السموات والأرض . يقال من ذلك : فطرها الله يَفْطُرُها ويَفْطِرُها فَطْراً وفُطُوراً ، ومنه قوله : { هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ } يعني : شقوقاً وصدوعاً ، يقال : سيف فُطَار : إذا كثر فيه التشقق ، وهو عيب فيه ومنه قول عنترة : @ وسَيْفِي كالعقيقةِ فهو كِمْعِي سِلاحي لا أفلَّ ولا فُطارَا @@ ومنه يقال : فَطَر نابُ الجمل : إذا تشقق اللحم فخرج ومنه قوله : تَكادُ السَّمَوَاتِ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ : أي ينشقّقن وينصدعن . وأما قوله : { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ } فإنه يعني : وهو يَرْزُق خلقه ولا يُرْزَق . كما : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ } قال : يَرْزُق ، ولا يُرْزَق . وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يقول ذلك : { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ } أي أنه يطعم خلقه ، ولا يأكل هو . ولا معنى لذلك لقلة القراءة به . القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ إنّي أُمِرْتُ أنْ أكُونَ أوَّلَ مَنْ أسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكينَ } . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للذين يدعونك إلى اتخاذ الآلهة أولياء من دون الله ويحثُّونك على عبادتها : أغير الله فاطر السموات والأرض ، وهو يرزقني وغيري ، ولا يرزقه أحد ، أتخذ ولياً هو له عبد مملوك وخلق مخلوق ؟ وقل لهم أيضاً : إني أمرني ربي أن أكون أوّل من أسلم ، يقول : أوّل من خضع له بالعبودية وتذلل لأمره ونهيه وانقاد له من أهل دهري وزماني . { وَلا تَكُونَنَّ مِنَ المْشُرِكِينَ } يقول : وقل : وقيل لي لا تكوننّ من المشركين بالله الذين يجعلون الآلهة والأنداد شركاء وجعل قوله : { أُمِرْتُ } بدلاً من « قيل لي » ، لأن قوله : { أُمِرْتُ } معناه : قيل لي ، فكأنه قيل : قل إني قيل لي : كن أوّل من أسلم ، ولا تكوننّ من المشركين فاجتزىء بذكر الأمر من ذكر القول ، إذ كان الأمر معلوماً أنه قول .