Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 164-164)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قُل } ْ يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان ، الداعيك إلى عبادة الأصنام واتباع خطوات الشيطان : { أغيرَ اللّهِ أبْغِي رَبًّا } يقول : أسِوَى الله أطلب سيِّداً يسودني . { وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } يقول : وهو سيد كلّ شيء دونه ، ومدبره ومصلحه . { وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلاَّ عَلَيْها } يقول : ولا تجترح نفس إثماً إلا عليها أي لا يؤخذ بما أتت من معصية الله تبارك وتعالى وركبت من الخطيئة سواها ، بل كلّ ذي إثم فهو المعاقَب بإثمه والمأخوذ بذنبه . { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } يقول : ولا تأثم نفس آثمة بإثم نفس أخرى غيرها ، ولكنها تأثم بإثمها وعليه تعاقب دون إثم أخرى غيرها . وإنما يعني بذلك المشركين الذين أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا القول لهم ، يقول : قل لهم : إنا لسنا مأخوذين بآثامكم ، وعليكم عقوبة إجرامكم ، ولنا جزاء أعمالنا . وهذا كما أمره الله جلّ ثناؤه في موضع آخر أن يقول لهم : لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ . وذلك كما : حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال : كان في ذلك الزمان لا مخرج للعلماء العابدين إلا إحدى خَلَّتين ، إحداهما أفضل من صاحبتها : إما أمر ودعاء إلى الحقّ ، أو الاعتزال ، فلا تشارك أهل الباطل في عملهم ، وتؤدّي الفرائض فيما بينك وبين ربك ، وتحبّ لله ، وتبغض لله ، ولا تشارك أحداً في إثم . قال : وقد أنزل في ذلك آية محكمة : { قُلْ أغيرَ اللّهِ أبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } … إلى قوله : { فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } ، وفي ذلك قال : { وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ إلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمْ البَيِّنَةُ } . يقال من الوِزْر : وَزِرَ يَوْزَر ، فهو وَزِير ، ووُزِرَ يُوْزَر فهو مَوْزُور . القول في تأويل قوله تعالى : { ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان : كلّ عامل منا ومنكم فله ثواب عمله وعليه وزره ، فاعملوا ما أنتم عاملوه . { ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ } أيها الناس ، { مَرْجِعُكُمْ } يقول : ثم إليه مصيركم ومنقلبكم ، { فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ } في الدنيا ، { تَخْتَلِفُونَ } من الأديان والملل ، إذ كان بعضكم يدين باليهودية ، وبعض بالنصرانية ، وبعض بالمجوسية ، وبعض بعبادة الأصنام ، وادّعاء الشركاء مع الله والأنداد ، ثم يجازي جميعكم بما كان يعمل في الدنيا من خير أو شرّ ، فتعلموا حينئذٍ مَن المحسن منا والمسيء .