Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 19-19)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يكذبون ويجحدون نبوّتك من قومك : أيّ شيء أعظم شهادة وأكبر ، ثم أخبرهم بأن أكبر الأشياء شهادة الله الذي لا يجوز أن يقع في شهادته ما يجوز أن يقع في شهادة غيره من خلقه من السهو والخطأ والغلط والكذب ، ثم قل لهم : إن الذي هو أكبر الأشياء شهادة شهيد بيني وبينكم ، بالمحقّ منا من المبطل والرشيد منا في فعله وقوله من السفيه ، وقد رضينا به حكماً بيننا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تعالى : { أيُّ شَيْءٍ أكْبَرُ شَهادَةً } قال : أمر محمد أن يسأل قريشاً ، ثم أمر أن يخبرهم فيقول : { اللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، نحوه . القول في تأويل قوله تعالى : { وأُوحِيَ إليَّ هَذَا القُرآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين الذين يكذّبونك : { اللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وأُوحِيَ إليَّ هَذَا القُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بهِ } عقابه ، وأنذر به من بلغه من سائر الناس غيركم ، إن لم ينته إلى العمل بما فيه وتحليل حلاله وتحريم حرامه والإيمان بجميعه ، نزولَ نقمة الله به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أيُّ شَيْءٍ أكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وأُحِيَ إليَّ هَذَا القُرآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يا أيُّها النَّاسُ بَلِّغُوا وَلَوْ آيَةً مِنْ كِتابِ الله ، فإنَّهُ مَنْ بَلَغَهُ آيَةٌ مِنْ كِتابِ اللّهِ فقد بلغه أمْرُ اللّهِ ، أخَذَهُ ، أوْ تَرَكَهُ " حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " بَلِّغُوا عَنِ اللّهِ ، فَمَنْ بَلَغَهُ آيَةٌ مِنْ كِتابِ اللّهِ ، فَقَدْ بَلَغَهُ أمْرُ اللّهِ " . حدثنا هناد ، قال : ثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي : { لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } قال : من بلغه القرآن فكأنما رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم . ثم قرأ : { وَمَنْ بَلَغَ أئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن حسن بن صالح ، قال : سألت ليثاً : هل بقي أحد لم تبلغه الدعوة ؟ قال : كان مجاهد يقول : حيثما يأتي القرآن فهو داع وهو نذير . ثم قرأ : { لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ } . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وَمَنْ بَلَغَ } : من أسلم من العجم وغيرهم . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا خالد بن يزيد ، قال : ثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب في قوله : { لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } قال : من بلغه القرآن ، فقد أبلغه محمد صلى الله عليه وسلم . حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { وأُوحِيَ إلي هَذَا القُرآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ } يعني أهل مكة ، { وَمَنْ بَلَغَ } يعني : ومن بلغه هذا القرآن فهو له نذير . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت سفيان الثورّي يحدّث ، لا أعلمه إلاَّ عن مجاهد ، أنه قال في قوله : { وأُوحِيَ إلي هَذَا القُرآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ } العرب { وَمَنْ بَلَغَ } العجم . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } أما « من بلغ » : فمن بلغه القرآن فهو له نذير . حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { وأُوحِيَ إلي هَذَا القُرآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } قال : يقول : من بلغه القرآن فأنا نذيره . وقرأ : يا أيُّها النَّاسُ إنّي رَسُولُ اللّهِ إلَيْكُمْ جَمِيعاً قال : فمن بلغه القرآن ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم نذيره . فمعنى هذا الكلام : لأنذركم بالقرآن أيها المشركون ، وأنذر من بلغه القرآن من الناس كلهم ، فـ « مَنْ » في موضع نصب بوقوع « أنذر » عليه ، و « بلغ » في صلته ، وأسقطت الهاء العائدة على « مَنْ » في قوله : « بَلَغَ » لاستعمال العرب ذلك في صلات « من ، وما ، والذي » . القول في تأويل قوله تعالى : { أئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أشْهَدُ قُلْ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ وَإنَّنِي بَرِىءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ } . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين الجاحدين نبوّتك ، العادلين بالله رباً غيره : أئنكم أيها المشركون لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ، يقول : تشهدون أن معه معبودات غيره من الأوثان والأصنام . وقال : « أُخْرَى » ولم يقل : « أخر » والآلهة جمع ، لأن الجموع يلحقها التأنيث ، كما قال تعالى : { فَمَا بالُ القُرُونِ الأُولى } ولم يقل « الأُوَل » ، ولا « الأوّلين » . ثم قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد ، لا أشهد بما تشهدون أن مع الله آلهة أخرى ، بل أجحد ذلك وأنكره . { إنَّما هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ } يقول : إنما هو معبود واحد ، لا شريك له فيما يستوجب على خلقه من العبادة . { وَإنَّنِي بَرِىءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ } يقول : قل وإنني بريء من كلّ شريك تدعونه لله وتضيفونه إلى شركته وتعبدونه معه ، لا أعبد سوى الله شيئاً ولا أدعو غيره إلهاً . وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من اليهود بأعيانهم من وجه لم تثبت صحته . وذلك ما : حدثنا به هناد بن السريّ وأبو كريب ، قالا : ثنا يونس بن بكير ، قال : ثني محمد بن إسحاق قال : ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، قال : ثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : جاء النحام بن زيد وقردم بن كعب وبحريّ بن عمير ، فقالوا : يا محمد أما تعلم مع الله إلهاً غيره ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا إلَهَ إلاَّ اللّهُ بِذَلِكَ بُعِثْتُ ، وَإلى ذلكَ أدْعُو " فأنزل الله تعالى فيهم وفي قولهم : { قُلْ أيُّ شَيْءٍ أكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } إلى قوله : لا يؤْمِنون .