Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 23-23)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ثم لم يكن قولهم إذ قلنا لهم : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون إجابة منهم لنا عن سؤالنا إياهم ذلك إذ فتناهم فاختبرناهم ، { إلاَّ أنْ قالُوا وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } كذباً منهم في أيمانهم على قيلهم ذلك . ثم اختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأته جماعة من قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين : « ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتَهُمْ » بالنصب ، بمعنى : لم يكن اختبارنا لهم إلاَّ قيلهم { وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } غير أنهم يقرءون { تَكُنْ } بالتاء على التأنيث وإن كانت للقول لا للفتنة لمجاورته الفتنة وهي خبر ، وذلك عند أهل العربية شاذّ غير فصيح في الكلام وقد رُوِي بيت للبيد بنحو ذلك ، وهو قوله : @ فَمَضَى وَقَدَّمَها وكانَتْ عادَةً منهُ إذا هيَ عَرَّدَتْ إقْدامُها @@ فقال : « وكانت » بتأنيث الإقدام لمجاورته قوله : عادة . وقرأ ذلك جماعة من قرّاء الكوفيين : « ثمَّ لَمْ يَكُنْ » بالياء « فِتْنَتَهُمْ » بالنصب { إلاَّ أنْ قالُوا } بنحو المعنى الذي قصده الآخرون الذين ذكرنا قراءتهم ، غير أنهم ذكروا يكون لتذكير أن وهذه القراءة عندنا أولى القراءتين بالصواب ، لأن « أنْ » أثبت في المعرفة من الفتنة . واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } فقال بعضهم : معناه : ثم لم يكن قولهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : قال قتادة في قوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } قال : مقالتهم . قال معمر : وسمعت غير قتادة يقول : معذرتهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } قال : قولهم . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إلاَّ أنْ قالُوا … } الآية ، فهو كلامهم ، قالوا : { واللّهِ رَبِّنَا ما كُنَا مُشْرِكِينَ } . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال سمعت الضحاك : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُم } ْ يعني كلامهم . وقال آخرون : معنى ذلك معذرتهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار وابن المثنى ، قالا : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن قتادة : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } قال : معذرتهم . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إلاَّ أنْ قالُوا وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } يقول : اعتذارهم بالباطل والكذب . والصواب من القول في ذلك أن يقال معناه : ثم لم يكن قيلهم عند فتنتنا إياهم اعتذاراً مما سلف منهم من الشرك بالله ، { إلا أنْ قالُوا وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } فوضعت الفتنة موضع القول لمعرفة السامعين معنى الكلام . وإنما الفتنة : الاختبار والابتلاء ، ولكن لما كان الجواب من القوم غير واقع هنالك إلاَّ عند الاختبار ، وضعت الفتنة التي هي الاختبار موضع الخبر عن جوابهم ومعذرتهم . واختلفت القرّاء أيضاً في قراءة قوله : { وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة وبعض الكوفيين والبصريين : { وَاللّهِ رَبِّنا } خفضاً على أن « الرب » نعت لله . وقرأ ذلك جماعة من التابعين : « واللّهِ رَبِّنا » بالنصب بمعنى : والله يا ربنا ، وهي قراءة عامة قرّاء أهل الكوفة . وأولى القراءتين عندي بالصواب في ذلك قراءة من قرأ : « وَاللّهِ رَبِّنا » بنصب الربّ ، بمعنى : يا ربنا . وذلك أن هذا جواب من المسئولين المقول لهم : { أيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمونَ } وكان من جواب القوم لربهم : والله يا ربنا ما كنا مشركين ، فنفوا أن يكونوا قالوا ذلك في الدنيا . يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون ، ويعني بقوله : { ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } ما كنا ندعو لك شريكاً ولا ندعو سواك .