Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 43-43)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا أيضاً من الكلام الذي فيه متروك استغني بدلالة الظاهر عن ذكر ما ترك ، وذلك أنه تعالى ذكره أخبر عن الأمم التي كذّبت رسلها أنه أخذهم بالبأساء والضرّاء ليتضرعوا ، ثم قال : فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا ، ولم يخبر عما كان منهم من الفعل عند أخذه إياهم بالبأسأء والضرّاء . ومعنى الكلام : ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضرّاء لعلهم يتضرّعون فلم يتضرّعوا ، فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرّعوا . ومعنى : { فَلَوْلاَ } في هذا الموضع : فهلاَّ ، والعرب إذ أوْلت « لولا » اسماً مرفوعاً جعلت ما بعدها خبراً وتلتها بالأمر ، فقالت ، فلولا أخوك لزرتك ، ولولا أبوك لضربتك ، وإذا أوْلتها فعلاً ، أو لم تولها اسماً ، جعلوها استفهاماً ، فقالوا : لولا جئتنا فنكرمك ، ولولا زرت أخاك فنزورك ، بمعنى هلاَّ . كما قال تعالى : { لَوْلا أخَّرْتَنِي إلى أجَلٍ قَرِيبٍ فأصَّدَّق } وكذلك تفعل ب « لوما » مثل فعلها ب « لولا » . فتأويل الكلام إذن : فهلا إذ جاء بأسنا هؤلاء الأمم المكذّبة رسلها الذين لم يتضرّعوا عند أخذناهم بالبأساء والضرّاء ، تضرّعوا فاستكانوا لربهم وخضعوا لطاعته ، فيصرف ربهم عنهم بأسه وهو عذابه وقد بينا معنى البأس في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . { وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } يقول : ولكن أقاموا على تكذيبهم رسلهم ، وأصروا على ذلك واستكبروا عن أمر ربهم ، استهانة بعقاب الله واستخفافاً بعذابه وقساوة قلب منهم . { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ } يقول : وحسن لهم الشيطان ما كانوا يعملون من الأعمال التي يكرهها الله ويسخطها منهم