Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 55-55)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني تعالى ذكره بقوله : { وكَذَلِكَ نُفَصّلُ الآياتِ } وكما فصلنا لك في هذه السورة من ابتدائها وفاتحتها يا محمد إلى هذا الموضع حجتنا على المشركين من عبدة الأوثان وأدلتنا ، وميزناها لك وبينَّاها ، كذلك نفصل لك أعلامنا وأدلتنا في كلّ حقّ ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل غيرهم ، فنبينها لك حتى تبين حقه من باطله وصحيحه من سقيمه . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ } فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة : { ولِتَسْتَبِينَ } بالتاء « سَبِيل المُجْرِمِينَ » بنصب السبيل ، على أن « تستبين » خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم كأن معناه عندهم : ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين . وكان ابن زيد يتأوّل ذلك : ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين الذين سألوك طرد النفر الذين سألوه طردهم عنه من أصحابه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : « وَلِتَسْتبِينَ سَبِيل المُجْرِمِينَ » قال : الذين يأمرونك بطرد هؤلاء . وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصريين : { ولِتَسْتَبِينَ } بالتاء { سَبِيلُ المُجْرِمِينَ } برفع السبيل على أن القصد للسبيل ، ولكنه يؤنثها . وكأن معنى الكلام عندهم : وكذلك نفصّل الآيات ولتتضح لك وللمؤمنين طريق المجرمين . وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة : « ولِيَسْتَبِينَ » بالياء { سَبِيلُ المُجْرِمِينَ } برفع السبيل على أن الفعل للسبيل ولكنهم يذكرونه . ومعنى هؤلاء في هذا الكلام ، ومعنى من قرأ ذلك بالتاء في : { ولِتَسْتَبِينَ } ورفع السبيل واحدٌ ، وإنما الاختلاف بينهم في تذكير السبيل وتأنيثها . وأولى القراءتين بالصواب عندي في « السبيل » الرفع ، لأن الله تعالى ذكره فصّل آياته في كتابه وتنزيله ، ليتبَيَّن الحقّ بها من الباطل جميع من خوطب بها ، لا بعض دون بعض . ومن قرأ « السبيل » بالنصب ، فإنما جعل تبيين ذلك محصوراً على النبيّ صلى الله عليه وسلم . وأما القراءة في قوله : { وَلِتَسْتَبِينَ } فسواء قُرِئت بالتاء أو بالياء ، لأن من العرب من يذكر السبيل وهم تميم وأهل نجد ، ومنهم من يؤنث السبيل وهم أهل الحجاز ، وهما قراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار ولغتان مشهورتان من لغات العرب ، وليس في قراءة ذلك بإحداهما خلاف لقراءته بالأخرى ولا وجه لاختيار إحداهما على الأخرى بعد أن يرفع السبيل للعلة التي ذكرنا . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : { نُفصّلُ الآياتِ } قال أهل التأويل . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : { وكذَلِكَ نُفَصّلُ الآياتِ } نبين الآيات . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في : { نُفَصِّلُ الآياتِ } : نبين .