Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 59-59)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول : { وَعِنْدَهُ مَقاتِحُ الغَيْبِ } والمفاتح : جمع مِفْتَح ، يقال فيه : مِفْتَح ومِفْتَاح ، فمن قال مِفْتَح جمعه مَفَاتح ، ومن قال مِفْتاح جمعه مَفَاتِيح . ويعني بقوله : { وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ } خزائن الغيب ، كالذي : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ } قال : يقول : خزائن الغيب . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن مسعر ، عن عمرو بن مرّة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن ابن مسعود ، قال : أعطي نبيكم كلّ شيء إلاَّ مفاتح الغيب . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : { وَعِنْدَهُ مفاتِخُ الغَيْبِ } قال : هنّ خمس : { إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزّلُ الغَيْثَ } إلى : { إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } فتأويل الكلام إذن : والله أعلم بالظَّالمين من خلقه وما هم مستحقوه وما هو بهم صانع ، فإن عنده علم ما غاب علمه عن خلقه ، فلم يطلعوا عليه ولم يدركوه ولم يعلموه ولن يدركوه . { ويَعْلَمُ ما في البَرِّ والبَحْرِ } يقول : وعنده علم ما لم يغب أيضاً عنكم ، لأن ما في البرّ والبحر مما هو ظاهر للعين يعلمه العباد . فكان معنى الكلام : وعند الله علم ما غاب عنكم أيها الناس مما لا تعلمونه ولن تعلموه مما استأثر بعلمه نفسه ، ويعلم أيضاً مع ذلك جميع ما يعلمه جميعكم ، لا يخفى عليه شيء ، لأنه لا شيء إلا ما يخفى عن الناس أو ما لا يخفى عليهم . فأخبر الله تعالى أن عنده علم كل شيء كان ويكون وما هو كائن مما لم يكن بعد ، وذلك هو الغيب . القول في تأويل قوله تعالى : { وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاَّ يَعْلمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ } . يقول تعالى ذكره : ولا تسقط ورقة في الصحاري والبراري ولا في الأمصار والقرى إلا الله يعلمها . { وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إلاَّ فِي كِتابِ مُبِينٍ } يقول : ولا شيء أيضاً مما هو موجود أو مما سيوجد ولم يوجد بعد ، إلا وهو مثبت في اللوح المحفوظ ، مكتوب ذلك فيه ومرسوم عدده ومبلغه والوقت الذي يوجد فيه والحال التي يفنى فيها . ويعني بقوله { مُبِين } : أنه يبين عن صحة ما هو فيه بوجود ما رسم فيه على ما رسم . فإن قال قائل : وما وجه إثباته في اللوح المحفوظ والكتاب المبين ما لا يخفى عليه ، وهو بجميعه عالم لا يخاف نسيانه ؟ قيل له : لله تعالى فعل ما شاء ، وجائز أن يكون كان ذلك منه امتحاناً منه لحفظته واختباراً للمتوكلين بكتابة أعمالهم ، فإنهم فيما ذكر مأمورون بكتابة أعمال العباد ثم بعرضها على ما أثبته الله من ذلك في اللوح المحفوظ ، حتى أثبت فيه ما أثبت كل يوم وقيل : إن ذلك معنى قوله : { إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } وجائز أن يكون ذلك لغير ذلك مما هو أعلم به ، إما بحجة يحتجّ بها على بعض ملائكته وأما على بني آدم وغير ذلك . وقد : حدثني زياد بن يحيى الحساني أبو الخطاب ، قال : ثنا مالك بن سعير ، قال : ثنا الأعمش ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحرث ، قال : ما في الأرض من شجرة ولا كمغرز إبرة ، إلا عليها ملك موكل بها يأتي الله ، يعلمه يبسها إذا يبست ورطوبتها إذا رطبت .