Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 9-9)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ولو جعلنا رسولنا إلى هؤلاء العادلين بي ، القائلين : لولا أنزل على محمد ملك بتصديقه ملكاً ينزل عليهم من السماء ، ويشهد بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم ويأمرهم باتباعه ، { لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً } يقول : لجعلناه في صورة رجل من البشر ، لأنهم لا يقدرون أن يروا الملك في صورته . يقول : وإذا كان ذلك كذلك ، فسواء أنزلت عليهم بذلك ملكاً أو بشراً ، إذ كنت إذا أنزلت عليهم مَلَكاً إنما أنزله بصورة إنسيّ ، وحججي في كلتا الحالتين عليهم ثابته بأنك صادق وأن ما جئتهم به حقّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثمان بن سعيد ، قال : ثنا بشر بن عمار ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : { ولَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْناه رَجُلاً } يقول : ما أتاهم إلا في صورة رجل ، لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { ولَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْناه رَجُلاً } في صورة رجل في خلق رجل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ولَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْناه رَجُلاً } يقول : لو بعثنا إليهم ملكاً لجعلناه في صورة آدمي . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { ولَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْناه رَجُلاً } يقول : في صورة آدميّ . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، ثنا قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ولَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْناه رَجُلاً } قال : لجعلنا ذلك الملك في صورة رجل ، لم نرسله في صورة الملائكة . القول في تأويل قوله تعالى : { وَللَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ } . يعني تعالى ذكره بقوله : { وَللَبَسْنا عَلَيْهِمْ } : ولو أنزلنا ملكاً من السماء مصدّقاً لك يا محمد ، شاهداً لك عند هؤلاء العادلين بي الجاحدين آياتك على حقيقة نبوّتك ، فجعلناه في صورة رجل من بني آدم إذ كانوا لا يطيقون رؤية الملَك بصورته التي خلقته بها ، التبس عليهم أمره فلم يدروا ملك هو أم أنسيّ ، فلم يوقنوا به أنه ملك ولم يصدِّقوا به ، وقالوا : ليس هذا ملكاً ، وللبسنا عليهم ما يلبسونه على أنفسهم من حقيقية أمرك وصحة برهانك وشاهدك على نبوّتك . يقال منه : لَبَسْتُ عليهم الأمر ألْبِسُهُ لَبْساً : إذا خلطته عليهم ، ولَبِسْتُ الثوبَ ألْبَسُهُ لُبْساً ، واللَّبُوس : اسم الثياب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : { وَللَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ } يقول : لشبهنا عليهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَللَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ } يقول : ما لبس قوم على أنفسهم إلا لبس الله عليهم واللبس : إنما هو من الناس . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَللَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ } يقول : شبَّهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم . وقد رُوي عن ابن عباس في ذلك قول آخر ، وهو ما : حدثني به محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَللَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ } فهم أهل الكتاب فارقوا دينهم وكذّبوا رسلهم ، وهو تحريف الكلام عن مواضعه . حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك ، في قوله : { وَللَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ } يعني التحريف : هم أهل الكتاب ، فرّقوا ودينهم وكذّبوا رسلهم ، فلبس الله عليهم ما لبسوا على أنفسهم . وقد بينا فيما مضى قبل أن هذه الآيات من أوّل السورة بأن تكون في أمر المشركين من عبدة الأوثان أشبه منها بأمر أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، بما أغنى عن إعادته .