Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 12-12)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا جاءَك المؤْمِناتُ } بالله { يُبايِعْنَكَ على أنْ لا يُشْرِكُنَ باللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أوْلادَهُنَّ وَلا يأْتِينَ بِبُهْتان يَفْتَرِينَهُ بَينَ أيْدِيهِن وأرْجُلُهِنَّ } يقول : ولا يأتين بكذب يكذبنه في مولود يوجد بين أيديهنّ وأرجلهنّ . وإنما معنى الكلام : ولا يلحقن بأزواجهنّ غير أولادهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلا يأْتِينَ بِبُهْتان يَفْتَرِينَهُ بَينَ أيْدِيهِن وأرْجُلُهِنَّ } يقول : لا يلحقن بأزواجهنّ غير أولادهم . وقوله : { وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } يقول : ولا يعصينك يا محمد في معروف من أمر الله عزّ وجلّ تأمرهنّ به . وذُكر أن ذلك المعروف الذي شرط عليهنّ أن لا يعصين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه هو النياحة . ذكر من قال ذلك : حدثنا عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } يقول : لا يُنحْن . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } ، قال : النوح . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، مثله . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن سالم ، مثله . حدثنا محمد بن عبيد المحاربيّ ، قال : ثنا موسى بن عمير ، عن أبي صالح ، في قوله : { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : في نياحة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : النوح . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن زيد بن أسلم { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : لا يخدشن وجهاً ، ولا يشققن جيباً ، ولا يدعونّ ويلاً ، ولا ينشدن شعراً . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : كانت محنة النساء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : قل لهنّ : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعكنّ على أن لا تشركن بالله شيئاً ، وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة التي شقت بطن حمزة رحمة الله عليه متنكرة في النساء ، فقالت : إني إن أتكلم يعرفني ، وإن عرفني قتلني ، وإنما تنكرت فرقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسكت النسوة اللاتي مع هند ، وأبين أن يتكلمن قالت هند وهي متنكرة : وكيف يقبل من النساء شيئاً لم يقبله من الرجال ؟ فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لعمر : " قُلْ لَهُنَّ وَلا يَسْرِقْنَ " قالت هند : والله إني لأصيب من أبى سفيان الهنات وما أدري أيحلهنّ لي أم لا ، قال أبو سفيان : ما أصبت من شيء مضى ، أو قد بقي ، فهو لك حلال ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها ، فدعاها فأتته ، فأخذت بيده ، فعاذت به ، فقال : " أنْتِ هِنْدٌ " فقالت : عفا الله عما سلف ، فصرف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : { وَلا يَزْنِينَ } فقالت : يا رسول الله وهل تزني الحرّة ؟ قال : " لا والله ما تَزْنِي الحُرَّةُ " قال : { وَلا يَقْتُلْنَ أوْلادَهُنَّ } ، قالت هند : أنت قتلتهم يوم بدر فأنت وهم أبصر قال : { وَلا يأْتِينَ بِبُهْتان يَفْتَرِينَهُ بَينَ أيْدِيهِن وأرْجُلُهِنَّ وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : منعهنّ أن ينحن ، وكان أهل الجاهلية يمزّقن الثياب وَيَخْدِشْن الوجوه ، ويقطِّعن الشعور ، ويدعون بالثُّبور والويل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا جاءَكَ المؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ } حتى بلغ { فَبايِعْهُنَّ } ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أخذ عليهنّ يومئذ النياحة ، " ولا تحدّثن الرجال ، إلا رجلاً منكنّ مَحْرَماً " فقال عبد الرحمن بن عوف : يا نبيّ الله إن لنا أضيافاً ، وإنا نغيب عن نسائنا قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَيْسَ أُولَئِكَ عَنَيْتُ " . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : هو النوح أُخِذ عليهنّ لا ينحن ، ولا يخلُونَّ بحديث الرجال إلا مع ذي مَحْرم قال : فقال عبد الرحمن بن عوف : إنا نغيب ويكون لنا أضياف قال : " ليس أولئك عنيت " . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سليمان ، قال : أخبرنا أبو هلال ، قال : ثنا قتادة ، في قوله { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : لا يحدثن رجلاً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني ابن عياش ، عن سليمان بن سليمان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : جاءت أُميمة بنت رقيقة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " أُبايِعُكِ على أنْ لا تُشْرِكي باللَّهِ شَيْئاً ، وَلا تَسْرِقي ، وَلا تَزْنِي ، وَلا تَقْتُلِي وَلَدَك ، وَلا تأْتِي بِبُهْتان تَفْتَرِينَهُ بَينَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ ، وَلا تَنُوحي وَلا تبَّرجي تَبُّرجَ الجاهِلِيَّةِ الأُولى " . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن أُميمة بنت رقيقة ، قالت : جاءت نسوة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يبايعنه ، فقال : " فِيما اسْتَطَعْتُنَّ وأطَقْتُنَّ " فقلنا : الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا . حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا أبي وشعيب بن الليث ، قال : ثنا خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن ابن المنكدر أن أُميمة أخبرته أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة ، فقلن : يا رسول الله ابسط يدك نصافحك ، فقال : " إنّي لا أُصافِحُ النِّساءَ ، وَلَكِنْ سآخُذُ عَلَيْكُنَّ " فأخذ علينا حتى بلغ : { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } فقال : " فِيما أطَقْتُنَّ وَاسْتَطَعْتُنَّ " فقلن : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا هارون ، عن عمرو ، عن عاصم ، عن ابن سيرين ، عن أمّ عطية الأنصارية ، قالت : كان فيما اشترط علينا من المعروف حين بايعنا أن لا ننوح ، فقالت امرأة من بني فلان : إن بني فلان أسعدوني ، فلا حتى أجزيهم ، فانطلقت فأسعدتهم ، ثم جاءت فبايعت قال : فما وفى منهن غيرها وغير أمّ سليم ابنة ملحان أمّ أنس بن مالك . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا عمرو بن فروخ القتات ، قال : ثنا مصعب بن نوح الأنصاري ، قال : « أدركت عجوزاً لنا كانت فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : فأتيته لأبايعه ، فأخذ علينا فيما أخذ ولا تُنحنَ ، فقالت عجوز : يا نبيّ الله إن ناسا قد كانوا أسعدوني على مصائب أصابتني ، وإنهم قد أصابتهم مصيبة ، فأنا أريد أن أسعدهم قال : " فانْطَلِقي فَكافِئِيهمْ " ثم إنها أتت فبايعته ، قال : " هو المعروف الذي قال الله " { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن يزيد ، مولى الصهباء ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في قوله { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : « النوح » . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا يونس ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن المنكدر ، عن أُميمة بنت رقيقة التيمية ، قالت : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من المسلمين ، فقلنا له : جئناك يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئاً ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتيَ ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيك في معروف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فيما اسْتَطعتنَّ وأطقتنَّ " فقلنا : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا ، فقلنا : بايعنا يا رسول الله ، فقال : " اذْهَبْنَ فَقَدْ بايَعْتُكُنَّ ، إنَّما قَوْلِي لمئَةِ امْرأةٍ كَقَوْلي لامْرأةٍ وَاحدَةِ " وما صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم منا أحداً . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا يونس بن بكير ، عن عيسى بن عبد الله التميمي ، عن محمد بن المنكدر ، عن أُميمة بنت رقيقة خالة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : سمعتها تقول : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ علينا أن لا نشرك بالله شيئاً ، فذكر مثل حديث محمد بن إسحاق . حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن أُميمة بنت رقيقة ، قالت : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نساء نبايعه ، قالت : فأخذ علينا النبيّ صلى الله عليه وسلم بما في القرآن { أنْ لا يُشْرِكْنَ باللَّهَ شَيْـئاً } … الآية ، ثم قال : " فيما اسْتَطَعْتُنَّ وأطَقْتُنَّ " فقلنا : يا رسول الله ألا تصافحنا ؟ فقال : " إنّي لا أُصافِحُ النِّساءَ ما قَوْلي لامرأةٍ وَاحدَةِ إلاَّ كَقَوْلي لِمِئَةِ امْرأةٍ " . حدثنا ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن زُهير ، عن موسى بن عقبة ، عن محمد بن المنكدر ، عن أُميمة بنت رقيقة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . حُدثت ، عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } والمعروف : ما اشترط عليهنّ في البيعة أن يتبعن أمره . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيه وخيرته من خلقه ثم لم يستحلّ له أمور أمر إلا بشرط لم يقل : ولا يعصينك ويترك حتى قال : في معروف : فكيف ينبغي لأحد أن يُطاع في غير معروف وقد اشترط الله هذا على نبيه ، قال : فالمعروف كلّ معروف أمرهنّ به في الأمور كلها وينبغي لهنّ أن لا يعصين . حدثنا محمد بن سنان القزاز ، ثنا إسحاق بن إدريس ، ثنا إسحاق بن عثمان بن يعقوب ، قال : ثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية ، عن جدته أمّ عطية ، قالت : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، جمع بين نساء الأنصار في بيت ، ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب ، فقام على الباب فسلم علينا ، فرددن ، أو فرددنا عليه ، ثم قال : أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكنّ ، قالت : فقلنا مرحباً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبرسول رسول الله ، فقال : تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئاً ، ولا تسرقن ، ولا تزنين ، قالت : قلنا نعم قال : فمدّ يده من خارج الباب أو البيت ، ومددنا أيدينا من داخل البيت ، ثم قال : اللهمّ اشهد قالت : وأمرنا في العيدين أن نخرج فيه الحيض والعواتق ، ولا جمعة علينا ، ونهانا عن اتباع الجنازة ، قال إسماعيل : فسألت جدتي عن قول الله { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قالت : النياحة . حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي ، قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير ، في قول الله : { وَلا يَعْصِينكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : لا يخلوا الرجل بامرأة . وقوله : { فَبايِعْهُنَّ } يقول جلّ ثناؤه : إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على هذه الشروط ، فبايعهن ، { وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ } يقول : سل لهنّ الله أن يصفح عن ذنوبهنّ ، ويسترها عليهنّ بعفوه لهنّ عنها ، { إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } يقول : إن الله ذو ستر على ذنوب من تاب إليه من ذنوبه أن يعذّبه عليها بعد توبته منها .