Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 61, Ayat: 4-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره للقائلين : لو علمنا أحبّ الأعمال إلى الله لعملناه حتى نموت : { إنَّ اللَّهَ } أيها القوم { يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ } كأنهم ، يعني في طريقه ودينه الذي دعا إليه { صَفًّا } يعني بذلك أنهم يقاتلون أعداء الله مصطفين . وقوله : { كأنَّهُمْ بُنْيان مَرْصُوصٌ } يقول : يقاتلون في سبيل الله صفاً مصطفاً ، كأنهم في اصطفافهم هنالك حيطان مبنية قد رصّ ، فأحكم وأتقن ، فلا يغادر منه شيئاً ، وكان بعضهم يقول : بني بالرصاص . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كأنَّهُم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ } ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحبّ أن يخلف بنيانه ، كذلك تبارك وتعالى لا يختلف أمره ، وإن الله وصف المؤمنين في قتالهم وصفهم في صلاتهم ، فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كأنَّهُم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ } قال : والذين صدّقوا قولهم بأعمالهم هؤلاء قال : وهؤلاء لم يصدّقوا قولهم بالأعمال لما خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم نكصوا عنه وتخلَّفوا . وكان بعض أهل العلم يقول : إنما قال الله { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا } ليدلّ على أن القتال راجلا أحبّ إليه من القتال فارساً ، لأن الفرسان لا يصطفون ، وإنما تصطف الرجالة . ذكر من قال ذلك : حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال : ثنا بقية بن الوليد ، عن أبي بكر ابن أبي مريم ، عن يحيى بن جابر الطائي ، عن أبي بحرية ، قال : كانوا يكرهون القتال على الخيل ، ويستحبون القتال على الأرض ، لقول الله : { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كأنَّهُم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ } قال : وكان أبو بحرية يقول : إذا رأيتموني التفتّ في الصفّ ، فجئوا في لحيي .