Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 11-11)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : وإذا رأى المؤمنون عير تجارة أو لهواً { انْفَضُّوا إلَيْها } يعني أسرعوا إلى التجارة { وَتَركُوكَ قائماً } يقول للنبيّ صلى الله عليه وسلم : وتركوك يا محمد قائما على المنبر وذلك أن التجارة التي رأوها فانفضّ القوم إليها ، وتركوا النبيّ صلى الله عليه وسلم قائماً كانت زيتاً قدم به دحية بن خليفة من الشام . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل السديّ ، عن أبي مالك ، قال : قدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام ، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه ، قال : فنزلت { وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْواً انْفَضُّوا إلَيْها وَتَرَكُوكَ قائماً } . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، قال : ثنا سفيان ، عن السديّ ، عن قرة { إذَا نُودِيَ للصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ } قال : جاء دحية الكلبي بتجارة والنبيّ صلى الله عليه وسلم قائم في الصلاة يوم الجمعة ، فتركوا النبيّ صلى الله عليه وسلم وخرجوا إليه ، فنزلت { وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْواً انْفَضُّوا إلَيْها وَتَرَكُوكَ قائماً } حتى ختم السورة . حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجمعة ، فمرّت عير تحمل الطعام ، قال : فخرج الناس إلا اثني عشر رجلاً ، فنزلت آية الجمعة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، قال : قال الحسن : إن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء سعر ، فقدمت عير والنبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ، فسمعوا بها ، فخرجوا والنبيّ صلى الله عليه وسلم قائم ، كما قال الله عزّ وجلّ . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله { وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْواً انْفَضُّوا إلَيْها وَتَرَكُوكَ قائماً } قال : جاءت تجارة فانصرفوا إليها ، وتركوا النبيّ صلى الله عليه وسلم قائماً وإذا رأوا لهواً ولعباً { قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرازِقينَ } . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : { وإذَا رَأَوْا تجارَةً أوْ لَهْواً انْفَضُّوا إلَيْها } قال : رجال كانوا يقومون إلى نواضحهم وإلى السفر يبتغون التجارة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة ، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة ، فقال : كم أنتم ؟ فعدّوا أنفسهم فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة ثم قام في الجمعة الثانية فجعل يخطبهم قال سفيان : ولا أعلم إلا أن في حديثه ويعظهم ويذكرهم ، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت عصابة ، فقال : كم أنتم ، فعدّوا أنفسهم ، فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة ثم قام في الجمعة الثالثة فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة ، فقال كم أنتم ؟ فعدّوا أنفسهم ، فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة ، فقال : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوِ اتَّبَعَ آخِرُكمْ أوَّلكمْ لالْتَهَبَ عَلَيْكُمُ الوَادي ناراً " وأنزل الله عزّ وجلّ : { وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْواً انْفَضُّوا إلَيْها وَتَركُوكَ قائماً } . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { انْفَضوا إلَيْها وَتَركُوكَ قَائماً } قال : لو اتبع آخرهم أوّلهم لالتهب عليهم الوادي ناراً . قال : ثنا ابن ثور ، قال معمر ، قال قتادة : لم يبق مع النبيّ صلى الله عليه وسلم يومئذ إلا اثنا عشر رجلاً وامرأة معهم . حدثنا محمد بن عمارة الرازي ، قال : ثنا محمد بن الصباح ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن سالم وأبي سفيان ، عن جابر ، في قوله { وَتَرَكُوكَ قائماً } قال : قدمت عير فانفضّوا إليها ، ولم يبق مع النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا . حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآمُلى ، قال : ثنا جرير ، عن حصين ، عن سالم ، عن جابر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً يوم الجمعة ، فجاءت عير من الشام ، فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً ، قال : فنزلت هذه الآية في الجمعة { وَإذَا رَأَوْا تِجارَةَ أوْ لَهْواً انْفَضُّوا إلَيْها وَتَركُوكَ قائماً } . وأما اللهو ، فإنه اختُلف من أيّ أجناس اللهو كان ، فقال بعضهم : كان كَبَراً ومزامير . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن سهل بن عسكر ، قال : ثنا يحيى بن صالح ، قال : ثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرّون بالكبر والمزامير ويتركون النبيّ صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر ، وينفضون إليها ، فأنزل الله { وَإذَا رَأَوْا تِجارَةَ أوْ لَهْواً انْفَضُّوا إلَيْها } . وقال آخرون : كان طبلاً . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : اللهو : الطبل . حدثني الحارث ، قال : ثنا الأشيب ، قال : ثنا ورقاء ، قال : ذكر عبد الله بن أبي نجيح ، عن إبراهيم بن أبي بكير ، عن مجاهد أن اللهو : هو الطبل . والذي هو أولى بالصواب في ذلك الخبر الذي رويناه عن جابر ، لأنه قد أدرك أمر القوم ومشاهدهم . وقوله : { قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ } يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد الذي عند الله من الثواب ، لمن جلس مستمعاً خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وموعظته يوم الجمعة إلى أن يفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، خير له من اللهو ومن التجارة التي ينفضون إليها { وَاللَّهُ خَيْرُ الرازِقِينَ } يقول : والله خير رازق ، فإليه فارغبوا في طلب أرزاقكم ، وإياه فأسألوا أن يوسع عليكم من فضله دون غيره .