Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 10-11)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وأنفقوا أيها المؤمنون بالله ورسوله من الأموال التي رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول إذا نزل به الموت : يا ربّ هلا أخرتني فتُمْهِلَ لي في الأجل إلى أجل قريب . فأصدّق يقول : فأزكي مالي { وأكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } يقول : وأعمل بطاعتك ، وأؤدّي فرائضك . وقيل : عنى بقوله { وَأكُنْ مِنَ الصالِحِينَ } وأحجّ بيتك الحرام . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس وسعيد بن الربيع ، قال سعيد ، ثنا سفيان ، وقال يونس : أخبرنا سفيان ، عن أبي جناب عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس ، قال : ما من أحد يموت ولم يؤدّ زكاة ماله ولم يحجّ إلا سأل الكرّة ، فقالوا : يا أبا عباس لا تزال تأتينا بالشيء لا نعرفه قال : فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله : { وأنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أنْ يأْتِيَ أحَدَكُمْ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبّ لَوْلا أخَّرْتَنِي إلى أجَلٍ قَرِيبٍ فأصَّدَّقَ } قال : أؤدي زكاة مالي { وأكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } قال : أحجّ . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي سنان ، عن رجل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : ما يمنع أحدكم إذا كان له مال يجب عليه فيه الزكاة أن يزكي ، وإذا أطاق الحجّ أن يحجّ من قبل أن يأتيه الموت ، فيسأل ربه الكرّة فلا يُعطاها ، فقال رجل : أما تتقي الله ، يسأل المؤمن الكرّة ؟ قال : نعم ، أقرأ عليكم قرآناً ، فقرأ : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أمْوَالُكُمْ وَلا أوْلادُكُم عَن ذِكْرِ اللَّهِ } فقال الرجل : فما الذي يوجب عليّ الحجّ ، قال : راحلة تحمله ، ونفقة تبلغه . حدثنا عباد بن يعقوب الأسديّ وفضالة بن الفضل ، قال عباد : أخبرنا يزيد أبو حازم مولى الضحاك . وقال فضالة : ثنا بزيع عن الضحاك بن مزاحم في قوله : { لَوْلا أخَّرْتَنِي إلى أجَلٍ قَرِيبٍ فأصَّدَّقَ } قال : فأتصدّق بزكاة مالي { وأكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } قال : الحجّ . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { لا تُلْهِكُمْ أمْوَالُكُمْ وَلا أوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ } إلى آخر السورة : هو الرجل المؤمن نزل به الموت وله مال كثير لم يزكه ، ولم يحجّ منه ، ولم يعط منه حق الله يسأل الرجعة عند الموت فيزكي ماله ، قال الله : { وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إذَا جاءَ أجَلُها } . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله { لا تُلْهِكُمْ أمْوَالُكُمْ وَلا أوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ } … إلى قوله { وأنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أنْ يَأْتي أحَدُكُمُ المَوْتُ } قال : هو الرجل المؤمن إذا نزل به الموت وله مال لم يزكه ولم يحجّ منه ، ولم يعط حقّ الله فيه ، فيسأل الرجعة عند الموت ليتصدّق من ماله ويزكي ، قال الله { وَلَنْ يؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إذَا جاءَ أجَلُها } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { فَأصَّدَّقَ وأكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } قال : الزكاة والحج . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { وأكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الأمصار غير ابن محيصن وأبي عمرو : وأكن ، جزماً عطفاً بها على تأويل قوله { فأصَّدَّقَ } لو لم تكن فيه الفاء ، وذلك أن قوله : فأصَّدَّقَ لو لم تكن فيه الفاء كان جزماً . وقرأ ذلك ابن محيصن وأبو عمرو : « وأكُونَ » بإثبات الواو ونصب « وأكونَ » عطفاً به على قوله { فأصَّدَّق } فنصب قوله « وأكُونَ » إذ كان قوله { فأصَّدَّقَ } نصباً . والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إذَا جاءَ أجَلُها } يقول : لن يؤخر الله في أجل أحد فيمدّ له فيه إذا حضر أجله ، ولكنه يخترمه { وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } يقول : والله ذو خبرة وعلم بأعمال عبيده هو بجميعها محيط ، لا يخفى عليه شيء ، وهو مجازيهم بها ، المحسنَ بإحسانه ، والمسيىء بإساءته .