Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 11-11)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : تأويل ذلك : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ } في ظهر آدم أيها الناس ، { ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } في أرحام النساء خلقاً مخلوقاً ومثالاً ممثَّلاً في صورة آدم . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } ، قوله : { خَلَقْناكُمْ } يعني آدم ، وأما صوّرناكم فذرّيته . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } … الآية ، قال : أما خلقناكم فآدم ، وأما صوّرناكم : فذرّية آدم من بعده . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ } يعني : آدم ، { ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } يعني : في الأرحام . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سعد ، قال : أخبرنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، في قوله : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } يقول : خلقناكم خلق آدم ، ثم صوّرناكم في بطون أمهاتكم . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } يقول : خلقنا آدم ثم صوّرنا الذرية في الأرحام . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } قال : خلق الله آدم من طين ، ثم صوّرناكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق ، علقة ثم مضغة ثم عظاماً ، ثم كسا العظام لحماً ، ثم أنشأناه خلقاً آخر . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : خلق الله آدم ثم صوّر ذرّيته من بعده . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عمر بن هارون ، عن نصر بن مشارس ، عن الضحاك : { خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } قال : ذرّيته . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك ، قوله : { ولَقَدْ خَلَقْناكُمْ } يعني آدم ، { ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } ، يعني : ذرّيته . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولقد خلقناكم في أصلاب آبائكم ثم صوّرناكم في بطون أمهاتكم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن شريك ، عن سماك ، عن عكرمة : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُم صَوَّرْناكُمْ } قال : خلقناكم في أصلاب الرجال ، وصوّرناكم في أرحام النساء . حدثني المثنى ، قال : ثنا الحماني ، قال : ثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، مثله . حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، قال : سمعت الأعمش يقرأ : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } قال : خلقناكم في أصلاب الرجال ، ثم صوّرناكم في أرحام النساء . وقال آخرون : بل معنى ذلك : { خَلَقْناكُمْ } يعني آدم ، { ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } يعني في ظهره . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ } قال : آدم ، { ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } قال : في ظهر آدم . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } في ظهر آدم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج عن مجاهد ، قوله : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } قال : صوَّرناكم في ظهر آدم . حدثني الحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا أبو سعد المدني ، قال : سمعت مجاهداً في قوله : { ولقَد خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } قال : في ظهر آدم لما تصيرون إليه من الثواب في الآخرة . وقال آخرون : معنى ذلك : ولقد خلقناكم في بطون أمهاتكم ، ثم صورناكم فيها . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عمن ذكره ، قال : { خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } قال : خلق الله الإنسان في الرحم ، ثم صوّره فشقّ سمعه وبصره وأصابعه . قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب قول من قال : تأويله : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ } ولقد خلقنا آدم ، { ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } بتصويرنا آدم ، كما قد بيَّنا فيما مضى من خطاب العرب الرجل بالأفعال تضيفها إليه ، والمعنىّ في ذلك سلفه ، وكما قال جلّ ثناؤه لمن بين أظهر المؤمنين من اليهود على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وَإذْ أخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوّةٍ } وما أشبه ذلك من الخطاب الموجَّه إلى الحيّ الموجود والمراد به السلف المعدوم ، فكذلك ذلك في قوله : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } معناه : ولقد خلقنا أباكم آدم ، ثم صوّرناه . وإنما قلنا هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب ، لأن الذي يتلو ذلك قوله : { ثُمَّ قُلْنا للمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ } ومعلوم أن الله تبارك وتعالى قد أمر الملائكة بالسجود لآدم قبل أن يصوّر ذرّيته في بطون أمهاتهم ، بل قبل أن يخلق أمهاتهم ، و « ثم » في كلام العرب لا تأتي إلا بإيذان انقطاع ما بعدها عما قبلها ، وذلك كقول القائل : قمت ثم قعدت ، لا يكون القعود إذ عطف به ب « ثم » على قوله : « قمت » إلا بعد القيام ، وكذلك ذلك في جميع الكلام . ولو كان العطف في ذلك بالواو جاز أن يكون الذي بعدها قد كان قبل الذي قبلها ، وذلك كقول القائل : قمت وقعدت ، فجائز أن يكون القعود في هذا الكلام قد كان قبل القيام ، لأن الواو تدخل في الكلام إذا كانت عطفاً لتوجب للذي بعدها من المعنى ما وجب للذي قبلها من غير دلالة منها بنفسها ، على أن ذلك كان في وقت واحد أو وقتين مختلفين ، أو إن كانا في وقتين أيهما المتقدّم وأيهما المتأخر . فلما وصفنا قلنا إن قوله : { ولَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ } لا يصحّ تأويله إلا على ما ذكرنا . فإن ظنّ ظانّ أن العرب إذا كانت ربما نطقت ب « ثم » في موضع الواو في ضرورة شعر كما قال بعضهم : @ سألْتُ رَبِيَعَةَ مَنْ خَيْرُها أباً ثُمَّ أمًّا فَقالَتْ لِمَهْ @@ بمعنى : أباً وأماً ، فإن ذلك جائز أن يكون نظيره ، فإن ذلك بخلاف ما ظنّ وذلك أن كتاب الله جلّ ثناؤه نزل بأفصح لغات العرب ، وغير جائز توجيه شيء منه إلى الشاذّ من لغاتها وله في الأفصح الأشهر معنى مفهوم ووجه معروف . وقد وجَّه بعض من ضعفت معرفته بكلام العرب ذلك إلى أنه من المؤخر الذي معناه التقديم ، وزعم أن معنى ذلك : ولقد خلقناكم ، ثم قلنا للملائكة : اسجدوا لآدم ، ثم صوّرناكم . وذلك غير جائز في كلام العرب ، لأنها لا تدخل « ثم » في الكلام وهي مراد بها التقديم على ما قبلها من الخبر ، وإن كانوا قد يقدّمونها في الكلام ، إذا كان فيه دليل على أن معناها التأخير ، وذلك كقولهم : قام ثم عبد الله عمرو فأما إذا قيل : قام عبد الله ثم قعد عمرو ، فغير جائز أن يكون قعود عمرو كان إلا بعد قيام عبد الله ، إذا كان الخبر صدقاً ، فقول الله تبارك وتعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا للْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا } نظير قول القائل : قام عبد الله ثم قعد عمرو في أنه غير جائز أن يكون أمر الله الملائكة بالسجود لآدم كان إلا بعد الخلق والتصوير لما وصفنا قبل . وأما قوله : { للْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ } فإنه يقول جلّ ثناؤه : فلما صوّرنا آدم وجعلناه خلقاً سويًّا ، ونفخنا فيه من روحنا ، قلنا للملائكة : اسجدوا لآدم ، ابتلاءً منا واختباراً لهم بالأمر ، ليعلم الطائع منهم من العاصي { فَسَجَدُوا } يقول : فسجد الملائكة { إلاَّ إبْلِيسَ } فإنه { لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } لآدم حين أمره الله مع من أمر من سائر الملائكة غيره بالسجود . وقد بيَّنا فيما مضى المعنى الذي من أجله امتحن جلّ جلاله ملائكته بالسجود لآدم ، وأمر إبليس وقصصه ، وبما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .