Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 156-156)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره مخبراً عن دعاء نبـيه موسى علـيه السلام أنه قال فـيه : { وَاكْتُبْ لَنا } : أي اجعلنا مـمن كتبت له { فِـي هَذِهِ الدُّنْـيا حَسَنَةً } وهي الصالـحات من الأعمال ، { وَفـي الآخِرَةِ } مـمن كتبت له الـمغفرة لذنوبه . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { وَاكْتُبْ لَنا فِـي هَذِهِ الدُّنْـيا حَسَنَةً } قال : مغفرة . وقوله : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } يقول : إنا تبنا إلـيك . وبنـحو ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير وابن فضيـل وعمران بن عيـينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبـير وقال عمران ، عن ابن عبـاس : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } قال : إنا تبنا إلـيك . قال : ثنا زيد بن حبـاب ، عن حماد بن سلـمة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبـير ، قال : تبنا إلـيك . قال : ثنا جابر بن نوح ، عن أبـي رَوْق عن الضحاك ، عن ابن عبـاس قال : تبنا إلـيك . قال : ثنا عبد الله بن بكر ، عن حاتـم بن أبـي مغيرة ، عن سِماك : أن ابن عبـاس قال فـي هذه الآية : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } قال : تبنا إلـيك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج ، قال : ثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، قال : أحسبه عن ابن عبـاس : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } قال : تبنا إلـيك . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } يقول : تبنا إلـيك . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنـي يحيى بن سعيد ، قال : ثنا سفـيان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن الأصبهانـيّ عن سعيد بن جبـير ، فـي قوله : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } قال : تبنا إلـيك . قال : ثنا عبد الرحمن ووكيع بن الـجراح ، قالا : ثنا سفـيان عن عبد الرحمن بن الأصبهانـيّ ، عن سعيد بن جبـير بـمثله . حدثنـي ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن ابن الأصبهانـي ، عن سعيد بن جبـير ، مثله . قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم ، قال : تبنا إلـيك . قال : ثنا مـحمد بن زيد ، عن العوام ، عن إبراهيـم التـيـميّ ، قال : تبنا إلـيك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن العوّام ، عن إبراهيـم التـيـمي مثله . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } أي إنا تبنا إلـيك . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : { هُدْنا إلَـيْكَ } قال : تبنا . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } يقول : تبنا إلـيك . قال : حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } يقول : تبنا إلـيك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن أبـي جعفر الرازي ، عن الربـيع بن أنس ، عن أبـي العالـية ، قال : { هُدْنَا إلَـيْكَ } قال : تبنا إلـيك . قال : ثنا أبـي ، عن أبـي جحير ، عن الضحاك ، قال : تبنا إلـيك . قال : ثنا الـمـحاربـي ، عن جويـير ، عن الضحاك ، قال : تبنا إلـيك . وحُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول ، فذكر مثله . قال : ثنا أبـي وعبـيد الله ، عن شريك ، عن جابر ، عن مـجاهد ، قال : تبنا إلـيك . قال : ثنا حبوية أبو يزيد ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبـير ، مثله . قال : ثنا أبـي ، عن شريك ، عن جابر ، عن عبد الله بن يحيى ، عن علـيّ علـيه السلام ، قال : إنـما سميت الـيهود لأنهم قالوا { هُدْنا إلَـيْكَ } . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } يعنـي : تبنا إلـيك . حدثنا ابن البرقـي ، قال : ثنا عمرو ، قال : سمعت رجلاً يسأل سعيداً : { إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } قال : إنا تبنا إلـيك . وقد بـيَّنا معنى ذلك بشواهده فـيـما مضى قبل بـما أغنى عن إعادته . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { قالَ عَذَابِـي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أشاءُ وَرَحْمَتـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ والَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ } . يقول تعالـى ذكره : { قالَ } الله لـموسى : هذا الذي أصبت به قومك من الرجفة { عَذَابِـي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أشاءُ } من خـلقـي ، كما أصيب به هؤلاء الذين أصبتهم به من قومك . { وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } يقول : ورحمتـي عمت خـلقـي كلهم . وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم مخرجه عامّ ومعناه خاصّ ، والـمراد به : ورحمتـي وسعت الـمؤمنـين بـي من أمة مـحمد صلى الله عليه وسلم . واستشهد بـالذي بعده من الكلام ، وهو قوله : { فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ … } الآية . ذكر من قال ذلك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو سلـمة الـمنقري ، قال : ثنا حماد بن سلـمة ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس أنه قرأ : { وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ } قال : جعلها الله لهذه الأمة . حدثنـي عبد الكريـم ، قال : ثنا إبراهيـم بن بشار ، قال : قال سفـيان ، قال أبو بكر الهذلـيّ : فلـما نزلت : { وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } قال إبلـيس : أنا من الشيء . فنزعها الله من إبلـيس ، قال : { فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بآياتِنا يُؤْمِنُونَ } فقال الـيهود : نـحن نتقـي ونؤتـي الزكاة ، ونؤمن بآيات ربنا . فنزعها الله من الـيهود ، فقال : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِـيَّ الأُمِّيَّ … } الآيات كلها . قال : فنزعها الله من إبلـيس ومن الـيهود وجعلها لهذه الأمة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : لـما نزلت : { وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } قال إبلـيس : أنا من كلّ شيء ، قال الله : { فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتَونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بآياتِنا يُؤْمِنُونَ … } الآية . فقالت الـيهود : ونـحن نتقـي ونؤتـي الزكاة . فأنزل الله : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِـيَّ الأُمِّيَّ } قال : نزعها الله عن إبلـيس وعن الـيهود ، وجعلها لأمة مـحمد ، سأكتبها للذين يتقون من قومك . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { عَذَابـي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أشاءُ وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } فقال إبلـيس : أنا من ذلك الشيء ، فأنزل الله : { فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ } معاصي الله ، { والَّذِينَ هُمْ بآياتِنا يُؤْمِنُونَ } . فتـمنتها الـيهود والنصارى . فأنزل الله شرطاً وثـيقاً بـيناً ، فقال : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِـيَّ الأُمِّيَّ } فهو نبـيكم كان أمياً لا يكتب ، صلى الله عليه وسلم . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، قال : أخبرنا خالد الـحذّاء ، عن أنـيس بن أبـي العريان ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَاكْتُبْ لَنا فِـي الدُّنْـيا حَسَنَةً وفِـي الآخِرَةِ إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } قال : فلـم يعطها ، فقال : { عَذَابِـي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أشاءُ وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسأكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ } إلـى قوله : { الرَّسُولَ النَّبِـيَّ الأُمِّيَّ } حدثنـي ابن وكيع ، قال : ثنا ابن علـية وعبد الأعلـى ، عن خالد ، عن أنـيس بن أبـي العربـان قال عبد الأعلـى : عن أنـيس أبـي العريان وقال : قال ابن عبـاس : { وَاكْتُبْ لَنا فِـي هَذِهِ الدُّنْـيا حَسَنَةً وفِـي الآخِرَةِ إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } قال : فلـم يعطها موسى . { قالَ عَذَابِـي أُصيبُ بِهِ مَنْ أشاءُ وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسأكْتُبُها … } إلـى آخر الآية . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قال : كان الله كتب فـي الألواح ذكر مـحمد وذكر أمته وما ادخر لهم عنده وما يسَّر علـيهم فـي دينهم وما وسَّع علـيهم فـيـما أحلّ لهم ، فقال : { عَذَابِـي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أشاءُ وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسأكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ } يعنـي الشرك ، الآية . وقال آخرون : بل ذلك علـى العموم فـي الدنـيا وعلـى الـخصوص فـي الآخرة . ذكر من قال ذلك . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الـحسن وقتادة ، فـي قوله : { وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } قالا : وسعت فـي الدنـيا البرّ والفـاجر ، وهي يوم القـيامة للذين اتقوا خاصة . وقال آخرون : هي علـى العموم ، وهي التوبة . ذكر من قال ذلك . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { أنْتَ وَلِـيُّنا فـاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وأنْتَ خَيْرُ الغافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنا فِـي هَذِهِ الدُّنْـيا حَسَنَةً وفِـي الآخِرَةِ إنَّا هُدْنا إلَـيْكَ } فقال : سأل موسى هذا ، فقال الله : { عَذَابـي أُصِيبُ به مَنْ أَشَاءُ } العذاب الذي ذكر { ورَحْمتـي } التوبةُ { وَسِعَتْ كُلَّ شَيءٍ فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ } . قال : فرحمته : التوبة التـي سأل موسى علـيه السلام كتبها الله لنا . وأما قوله : { فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ } فإنه يقول : فسأكتب رحمتـي التـي وسعت كلّ شيء . ومعنى « أكتب » فـي هذا الـموضع : أكتب فـي اللوح الذي كتب فـيه التوراة { للَّذين يَتَّقُونَ } يقول : للقوم الذين يخافون الله ويخشون عقابه علـى الكفر به والـمعصية له فـي أمره ونهيه ، فـيؤدون فرائضه ، ويجتنبون معاصيه . وقد اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنى الذي وصف الله هؤلاء القوم بأنهم يتقونه ، فقال بعضهم : هو الشرك . ذكر من قال ذلك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ } يعنـي الشرك . وقال آخرون : بل هو الـمعاصي كلها . ذكر من قال ذلك . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { فَسأَكْتُبُها للَّذِينَ يَتَّقُونَ } معاصي الله . وأما الزكاة وإيتاؤها ، فقد بـيَّنا صفتها فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته . وقد ذُكر عن ابن عبـاس فـي هذا الـموضع أنه قال فـي ذلك ما : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ } قال : يطيعون الله ورسوله . فكأن ابن عبـاس تأوّل ذلك بـمعنى أنه العمل بـما يزكي النفس ويطهِّرها من صالـحات الأعمال . وأما قوله : { وَالَّذِينَ هُمْ بآياتِنا يُؤْمِنُونَ } فإنه يقول : وللقوم الذين هم بأعلامنا وأدلتنا يصدّقون ويقرّون .