Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 171-171)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا مـحمد إذ اقتلعنا الـجبل ، فرفعناه فوق بنـي إسرائيـل ، كأنه ظلة غمام من الظلام ، وقلنا لهم : خذوا ما آتـيناكم بقوّة من فرائضنا ، وألزمناكم من أحكام كتابنا ، فـاقبلوه ، واعملوا بـاجتهاد منكم فـي أدائه من غير تقصير ولا توان . { واذْكُرُوا ما فِـيهِ } يقول ما فـي كتابنا من العهود والـمواثـيق التـي أخذنا علـيكم بـالعمل بـما فـيه . { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } يقول : كي تتقوا ربكم ، فتـخافوا عقابه بترككم العمل به إذا ذكرتـم ما أخذ علـيكم فـيه من الـمواثـيق . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَإذْ نَتَقْنا الـجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنَّهُ ظُلَّةٌ } فقال لهم موسى : خذوا ما آتـيناكم بقوّة يقول : من العمل بـالكتاب وإلا خرّ علـيكم الـجبل ، فأهلككم فقالوا : بل نأخذ ما آتانا الله بقوّة ثم نكثوا بعد ذلك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ عن ابن عبـاس ، قوله : { وَإذْ نَتَقْنا الـجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنَّهُ ظُلَّةٌ } فهو قوله : { وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِـمِيثاقِهِمْ } فقال : { خُذُوا مَا آتَـيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ } ، وإلا أرسلته علـيكم . حدثنـي إسحاق بن شاهين ، قال : ثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن عامر ، عن ابن عبـاس ، قال : إنـي لأعلـمُ خـلق الله لأيّ شيء سجدت الـيهود علـى حرف وجوههم ، لـما رفع الـجبل فوقهم سجدوا وجعلوا ينظرون إلـى الـجبل مخافة أن يقع علـيهم ، قال : فكانت سجدة رضيها الله ، فـاتـخذوها سنة . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، عن ابن عبـاس ، مثله . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذْ نَتَقْنا الـجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَـيْناكُمْ بِقُوَّةٍ } : أي بجدّ . { واذْكُرُوا ما فِـيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } جبل نزعه الله من أصله ثم جعله فوق رءوسهم ، فقال : لتأخذنّ أمري ، أو لأرمينَّكم به حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال مـجاهد : { وَإذْ نَتَقْنا الـجَبَلَ } قال : كما تنتق الزّبدة . قال ابن جريج : كانوا أبوا التوراة أن يقبلوها أو يؤمنوا بها . { خُذُوا ما آتَـيْناكُمْ بِقُوَّةٍ } قال : يقول : لتؤمننّ بـالتوراة ولتقبلنها ، أو لـيقعن علـيكم حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي بكر بن عبد الله ، قال : هذا كتاب الله أتقبلونه بـما فـيه ، فإن فـيه بـيان ما أحلّ لكم وما حرّم علـيكم وما أمركم وما نهاكم . قالوا : انشر علـينا ما فـيها ، فإن كانت فرائضها يسيرة وحدودها خفـيفة قبلناها قال : اقبلوها بـما فـيها قالوا : لا ، حتـى نعلـم ما فـيها كيف حدودها وفرائضها . فراجعوا موسى مراراً ، فأوحى الله إلـى الـجبل ، فـانقلع فـارتفع فـي السماء حتـى إذا كان بـين رءوسهم وبـين السماء قال لهم موسى : ألا ترون ما يقول ربـي ؟ لئن لـم تقبلوا التوراة بـما فـيها لأرمينكم بهذا الـجبل قال : فحدثنـي الـحسن البصري ، قال : لـما نظروا إلـى الـجبل خرّ كلّ رجل ساجداً علـى حاجبه الأيسر ، ونظر بعينه الـيـمنى إلـى الـجبل ، فرَقاً من أن يسقط علـيه فلذلك لـيس فـي الأرض يهوديّ يسجد إلا علـى حاجبه الأيسر ، يقولون : هذه السجدة التـي رفُعت عنا بها العقوبة . قال أبو بكر : فلـما نشَرَ الألواح فـيها كتاب الله كتبه بـيده ، لـم يبق علـى وجه الأرض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتزّ ، فلـيس الـيوم يهوديّ علـى وجه الأرض صغير ولا كبـير تقرأ علـيه التوراة إلا اهتزّ ونغض لها رأسه . واختلف أهل العلـم بكلام العرب فـي معنى قوله : { نَتَقْنا } فقال بعض البصريـين : معنى نتقنا : رفعنا واستشهد بقول العجَّاج : @ يَنْتُقُ أقْتادَ الشَّلِـيـلِ نَتْقا @@ وقال : يعنـي بقوله : « ينتق » يرفعها عن ظهره . وبقول الآخر : @ وَنَتَقُوا أحْلامَنا الأثاقِلا @@ وقد حُكي عن قائل هذه الـمقالة قول آخر ، وهو أن أصل النتق والنتوق كلّ شيء قلعته من موضعه فرميت به ، يقال منه : نتقت نتقا . قال : ولهذا قـيـل للـمرأة الكبـيرة ناتق لأنها ترمي بأولادها رميا ، واستشهد ببـيت النابغة : @ لَـمْ يُحْرَمُوا حُسْنَ الغِذَاءِ وأُمُّهُمْ دَحَقَتْ عَلَـيْكَ بِناتقٍ مِذْكارِ @@ وقال آخر : معناه فـي هذا الـموضع : رفعناه . وقال : قالوا : نتقنـي السير : حرّكنـي . وقال : قالوا : ما نتق برجله لا يركض ، والنتق : نتق الدابة صاحبها حين تعدو به وتتعبه حتـى يربو ، فذلك النتق والنتوق ، ونتقتنـي الدابة ، ونتقت الـمرأة تنتق نتوقاً : كثر ولدها . وقال بعض الكوفـيـين : نتقنا الـجبل : علقنا الـجبل فوقهم فرفعناه ننتقه نتقاً ، وامرأة منتاق : كثـيرة الولد ، قال : وسمعت أخذ الـجراب ونَتَقَ ما فـيه : إذا نثر ما فـيه .