Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 53-53)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ تَأْوِيلَهُ } هل ينتظر هؤلاء المشركون الذين يكذّبون بآيات الله ويجحدون لقاءه ، إلاَّ تأويله ؟ يقول : إلاَّ ما يؤول إليه أمرهم من ورودهم على عذاب الله ، وصليّهم جحيمه ، وأشباه هذا مما أوعدهم الله به . وقد بيَّنا معنى التأويل فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ تَأْويلَهُ } : أي ثوابه { يَوْمَ يَأْتي تَأْوِيلُهُ } أي ثوابه . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، قال : ثنا معمر ، عن قتادة : { هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } قال : تأويله : عاقبته . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ تَأْوِيلَهُ } قال : جزاءه ، { يَوْمَ يَأْتي تَأْوِيلُهُ } قال : جزاؤه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { هَلْ يَنْظُرُون إلاَّ تَأْوِيلَهُ } أما تأويله : فعواقبه مثل وقعة بدر ، والقيامة ، وما وعد فيه من موعد . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس في قوله : { هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتي تَأْويلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بالحَقّ } فلا يزال يقع من تأويله أمر حتى يتمّ تأويله يوم القيامة ، ففي ذلك أنزل : { هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ تَأْوِيلَهُ } حيث أثاب الله تبارك وتعالى أولياءه وأعداءه ثواب أعمالهم ، { يَقُولُ } يومئذ { الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بالحَقّ … } الآية . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتي تَأْويلُهُ } قال : يوم القيامة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { يَوْمَ يَأْتي تَأْوِيلُهُ } قال : يأتي تحقيقه . وقرأ قول الله تعالى : { هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ } قال : هذا تحقيقها . وقرأ قول الله : { وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاَّ اللّهُ } قال : ما يعلم حقيقته ومتى يأتي إلاَّ الله تعالى . وأما قوله : { يَوْمَ يَأْتي تَأْويلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ } فإن معناه : يوم يجيء ما يؤول إليه أمرهم من عقاب الله ، { يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ } : أي يقول الذين ضيعوا وتركوا ما أمروا به من العمل المنجيهم مما آل إليه أمرهم يومئذٍ من العذاب من قبل ذلك في الدنيا : { لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بالحَقّ } أقسم المساكين حين عاينوا البلاء وحلّ بهم العقاب أنّ رسل الله التي أتتهم بالنذارة وبلغتهم عن الله الرسالة ، قد كانت نصحت لهم وصَدَقتهم عن الله ، وذلك حين لا ينفعهم التصديق ولا ينجيهم من سخط الله وأليم عقابه كثرة القيل والقال . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { يقول الَّذِينَ نَسُوهُ منْ قَبْلُ قَدْ جاءَت رسُلُ رَبِّنا بالحَقّ } أما الذين نسوه فتركوه ، فلما رأوا ما وعدهم أنبياؤهم استيقنوا فقالوا : قد جاءت رسل ربنا بالحقّ . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ } قال : أعرضوا عنه . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . القول في تأويل قوله تعالى : { فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غيرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ } . وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم أنهم يقولون عند حلول سخط الله بهم وورودهم أليم عذابه ومعاينتهم تأويل ما كانت رسل الله تعدهم : هل لنا من أصدقاء وأولياء اليوم ، فيشفعوا لنا عند ربنا ، فتنجينا شفاعتهم عنده مما قد حلّ بنا من سوء فعالنا في الدنيا ، أو نردّ إلى الدنيا مرّة أخرى ، فنعمل فيها بما يرضيه ويعتبه من أنفسنا ؟ قال : هذا القول المساكين هنالك ، لأنهم كانوا عهدوا في الدنيا أنفسهم لها شفعاء تشفع لهم في حاجاتهم ، فيذكروا ذلك في وقت لا خلة فيه لهم ولا شفاعة ، يقول الله جلّ ثناؤه : { قَدْ خَسِرُوا أنْفُسَهُمْ } يقول : غبنوا أنفسهم حظوظها ببيعهم ما لا خطر له من نعيم الآخرة الدائم بالخسيس من عرض الدنيا الزائل ، { وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ } يقول : وأسلمهم لعذاب الله ، وحاد عنهم أولياؤهم الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ، ويزعمون كذباً وافتراء أنهم أربابهم من دون الله . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { قَدْ خَسِرُوا أنْفُسَهُمْ } يقول : شروْها بخسران . وإنما رفع قوله { أوْ نُرَدُّ } ولم ينصب عطفاً على قوله : { فَيَشْفَعُوا لَنا } لأن المعنى : هل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ، أو هل نردّ فنعمل غير الذي كنا نعمل . ولم يرد به العطف على قوله { فَيَشْفَعُوا لَنا } .