Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 95-95)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ثم بدّلنا أهل القرية التـي أخذنا أهلها بـالبأساء والضرّاء ، مكان السيئة ، وهي البأساء والضرّاء . وإنـما جعل ذلك سيئة ، لأنه مـما يسوء الناس ، ولا تسوؤهم الـحسنة ، وهي الرخاء والنعمة والسعة فـي الـمعيشة . { حتـى عَفَوْا } يقول : حتـى كثروا ، وكذلك كلّ شيء كثر ، فإنه يقال فـيه : قد عفـا ، كما قال الشاعر : @ ولكِنَّا نُعِضُّ السَّيْفَ منْها بأسْوُقٍ عافِـياتِ الشَّحْمِ كُوم @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { مَكانَ السَّيِّئَةِ الـحَسَنَةَ } قال : مكان الشدّة رخاء { حتـى عَفَوْا } . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { مَكانَ السَّيِّئَةِ الـحَسَنَةَ } قال : السيئة : الشرّ ، والـحسنة : الرخاء والـمال والولد . حدثنا الـمثنى ، قالَ : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { مَكانَ السَّيِّئةِ الـحَسَنَةَ } قال : السيئة : الشرّ ، والـحسنة : الـخير . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الـحَسَنَةَ } يقول : مكان الشدة الرخاء . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { ثُمَّ بدلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الـحَسَنَةَ حتـى عَفَوْا } قال : بدلنا مكان ما كرهوا ما أحبوا فـي الدنـيا ، حتـى عفوا من ذلك العذاب { وَقالُوا قَدْ مَسَّ آبـاءَنا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ } . واختلفوا فـي تأويـل قوله { حتـى عَفَوْا } فقال بعضهم نـحو الذي قلنا فـيه . ذكر من قال ذلك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { حتـى عَفَوْا } يقول : حتـى كثروا وكثرت أموالهم . حدثنـي القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبـاس : { حتـى عَفَوْا } قال : جمّوا . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { حتـى عَفَوْا } قال : كثرت أموالهم وأولادهم . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { حتـى عَفَوْا } حتـى كثروا . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم : { حتـى عَفَوْا } قال : حتـى جموا وكثروا . قال : ثنا جابر بن نوح ، عن أبـي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس : { حتـى عَفَوْا } قال : حتـى جموا . قال : ثنا الـمـحاربـي ، عن جويبر ، عن الضحاك : { حتـى عَفَوْا } يعنـي جموا وكثروا . قال : ثنا عبد الله بن رجاء ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد : { حتـى عَفَوْا } قال : حتـى كثرت أموالهم وأولادهم . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { حتـى عَفَوْا } كثروا كما يكثر النبـات والريش ، ثم أخذهم عند ذلك بغتة وهم لا يشعرون . وقال آخرون : معنى ذلك : حتـى سُرّوا . ذكر من قال ذلك . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { حتـى عَفَوْا } يقول : حتـى سرّوا بذلك . وهذا الذي قاله قتادة فـي معنى { عفوا } تأويـل لا وجه له فـي كلام العرب ، لأنه لا يعرف العفو بـمعنى السرور فـي شيء من كلامهم إلاَّ أن يكون أراد حتـى سُرّوا بكثرتهم وكثرة أموالهم ، فـيكون ذلك وجها وإن بعُد . وأما قوله : { وَقالُوا قَدْ مَسَّ آبـاءَنا الضَّرَّاءُ والسَّرَّاءُ } فإنه خبر من الله عن هؤلاء القوم الذين أبدلهم الـحسنة السيئة التـي كانوا فـيها استدراجاً وابتلاءً أنهم قالوا إذ فعل ذلك بهم : هذه أحوال قد أصابت مَن قبلنا من آبـائنا ونالت أسلافنا ، ونـحن لا نعدو أن نكون أمثالهم يصيبنا ما أصابهم من الشدّة فـي الـمعايش والرخاء فـيها ، وهي السّراء ، لأنها تسرّ أهلها . وجهل الـمساكين شكر نعمة الله ، وأغفلوا من جهلهم استدامة فضله بـالإنابة إلـى طاعته ، والـمسارعة إلـى الإقلاع عما يكرهه بـالتوبة ، حتـى أتاهم أمره وهم لا يشعرون . يقول جلّ جلاله : { فَأخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } يقول : فأخذناهم بـالهلاك والعذاب فجأة ، أتاهم علـى غرّة منهم بـمـجيئه ، وهم لا يدرون ، ولا يعلـمون أنه يجيئهم ، بل هم بأنه آتـيهم مكذّبون حتـى يعاينوه ويروه .