Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 14-19)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { وَإنَّ الفُجَّارَ } الذين كفروا بربهم { لَفِي جَحِيمٍ } . وقوله : { يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ } يقول جلّ ثناؤه : يَصْلَى هؤلاء الفجار الجحيم يوم القيامة ، يوم يُدان العباد بالأعمال ، فيُجازَوْنَ بها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { يَوْمَ الدِّينِ } من أسماء يوم القيامة ، عظَّمه الله ، وحذّره عباده . وقوله : { وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ } يقول تعالى ذكره : وما هؤلاء الفجار من الجحيم بخارجين أبداً فغائبين عنها ، ولكنهم فيها مخلَّدون ماكثون ، وكذلك الأبرار في النعيم ، وذلك نحو قوله : { وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ } . وقوله : { وَما أدْرَاكَ ما يَوْمُ الدِّينِ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أدراك يا محمد ، أي وما أشْعرك ما يوم الدين ؟ يقول : أيُّ شيء يومُ الحساب والمجازاة ، معظماً شأنه جلّ ذكره ، بقيله ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما أدْرَاكَ ما يَوْم الدينِ } تعظيماً ليوم القيامة ، يوم تدان فيه الناس بأعمالهم . وقوله : { ثُمَّ ما أدْرَاكَ ما يَوْمُ الدِّينِ } يقول : ثم أيّ شيء أشعرك يوم المجازاة والحساب يا محمد ، تعظيماً لأمره ثم فسَّر جلّ ثناؤه بعض شأنه فقال : { يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً } : يقول : ذلك اليوم ، يوم لا تملك نفس ، يقول : يوم لا تُغني نفس عن نفس شيئاً ، فتدفع عنها بليَّة نزلت بها ، ولا تنفعها بنافعة ، وقد كانت في الدنيا تحميها ، وتدفع عنها من بغاها سوءاً ، فبطل ذلك يومئذٍ ، لأن الأمر صار لله الذي لا يغلبه غالب ، ولا يقهره قاهر ، واضمحلت هنالك الممالك ، وذهبت الرياسات ، وحصل الملك للملك الجبار ، وذلك قوله : { وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ } يقول : والأمر كله يومئذٍ ، يعني الدين لله دون سائر خلقه ، ليس لأحد من خلقه معه يومئذٍ أمر ولا نهي . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ } قال : ليس ثم أحد يومئذٍ يقضي شيئاً ، ولا يصنع شيئاً إلاَّ ربّ العالمين . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ } والأمر والله اليوم لله ، ولكنه يومئذٍ لا ينازعه أحد . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ } فقرأته عامة قرّاء الحجاز والكوفة بنصب { يَوْمَ } إذ كانت إضافته غير محضة . وقرأه بعض قرّاء البصرة بضم « يَوْمُ » ورفعه ردًّا على اليوم الأوّل ، والرفع فيه أفصح في كلام العرب ، وذلك أن اليوم مضاف إلى يفعل ، والعرب إذا أضافت اليوم إلى تفعل أو يفعل أو أفعل رفعوه فقالوا : هذا يوم أفعل كذا ، وإذا أضافته إلى فعل ماضٍ نصبوه ومنه قول الشاعر :