Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 21-26)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { فَذَكِّرْ } يا محمد عبادي بآياتي ، وعظهم بحججي ، وبلِّغهم رسالتي { إنَّمَا أنْتَ مُذَكِّرٌ } يقول : إنما أرسلتك إليهم مذكراً ، لتذكرهم نعمتي عندهم ، وتعرّفهم اللازم لهم ، وتعظهم . وقوله : { لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسيْطِرٍ } يقول : لست عليهم بمسلَّط ، ولا أنت بجبار ، تحملهم على ما تريد . يقول : كِلهم إليَّ ، ودعهم لي وحكمي فيهم يقال : قد تسيطر فلان على قومه : إذا تسلط عليهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } يقول : لست عليهم بجبار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } : أي كِلْ إليَّ عبادي . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { بِمُسَيْطِرٍ } قال : جبار . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنَّمَا أنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } قال : لست عليهم بمسلط أن تُكرِهِهم على الإيمان ، قال : ثم جاء بعد هذا : { جاهِدِ الكُفَّارِ والمنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } وقال { اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } وارصدوهم لا يخرجوا فِي البِلادِ { فإنْ تابُوا وأقامُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إنَّ اللّهَ غَفورٌ رَحِيمٌ } قال : فنسخت { لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } قال : جاء اقتله أو يُسْلِمَ قال : والتذكرة كما هي لم تنسخ . وقرأ : { فَذَكِّرْ فإنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ } حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " « أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حتى يَقُولُوا : لا إلَهَ إلاَّ اللّهُ ، فإذَا قالُوا : لا إلَهَ إلاَّ اللّهُ ، عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُمْ وأمْوَالَهُمْ ، إلاَّ بِحَقِّها ، وحِسابُهُمْ على اللّهِ » " ثم قرأ : إنَّمَا أنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم ، قال : سمعت جابر ابن عبد الله ، يقول : سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر مثله ، إلا أنه قال : قال أبو الزّبير : ثم قرأ { إنَّمَا أنْتَ مُذَكِّرٌ ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } . حدثنا يوسف بن موسى القَطان ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي الزّبير ، عن جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . وقوله : { إلاَّ مَنْ تَوَلَّى وكَفَرَ } يتوجَّه لوجهين : أحدهما : فذكّر قومك يا محمد ، إلا من تولَّى منهم عنك ، وأعرض عن آيات الله فكفر ، فيكون قوله « إلا » استثناء من الذين كان التذكير عليهم ، وإن لم يذكروا ، كما يقال : مضى فلان ، فدعا إلا من لا تُرْجَى إجابته ، بمعنى : فدعا الناس إلا من لا تُرْجَى إجابته . والوجه الثاني : أن يجعل قوله : { إلاَّ مَنْ تَوَلَّى وكَفَرَ } منقطعاً عما قبله ، فيكون معنى الكلام حينئذٍ : لست عليهم بمسيطر ، إلا من تولى وكفر ، يعذّبه الله ، وكذلك الاستثناء المنقطع يمتحن بأن يحسن معه إن ، فإذا حسنت معه كان منقطعاً ، وإذا لم تحسن كان استثناء متصلاً صحيحاً ، كقول القائل : سار القوم إلا زيدا ، ولا يصلح دخول إن هاهنا لأنه استثناء صحيح . وقوله : { فَيُعَذِّبُهُ اللّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ } : هو عذاب جهنم ، يقول : فيعذِّبه الله العذاب الأكبر على كفره في الدنيا ، وعذاب جهنم في الآخرة . وقوله : { إنَّ إلَيْنا إيابَهُمْ } يقول : إن إلينا رجوع من كفر ومعادهم { ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ } يقول : ثم إن على الله حسابه ، وهو يجازيه بما سلف منه من معصية ربه ، يُعْلِمُ بذلك نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أنه المتولي عقوبته دونه ، وهو المجازي والمعاقِب ، وأنه الذي إليه التذكير وتبليغ الرسالة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { إلاَّ مَنْ تَوَلَّى وكَفَرَ } قال : حسابه على الله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { إنَّ إِلَيْنا إيابَهُمْ ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابِهُمْ } يقول : إن إلى الله الإياب ، وعليه الحساب .