Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 119-119)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره للمؤمنين معرّفهم سبيل النجاة من عقابه والخلاص من أليم عذابه : يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله ، اتقوا الله وراقبوه بأداء فرائضه وتجنب حدوده ، وكونوا في الدنيا من أهل ولاية الله وطاعته ، تكونوا في الآخرة مع الصادقين في الجنة . يعني مع من صدق الله الإيمان به فحقق قوله بفعله ولم يكن من أهل النفاق فيه الذين يكذّب قيلهم فعلهم . وإنما معنى الكلام : وكونوا مع الصادقين في الآخرة باتقاء الله في الدنيا ، كما قال جلّ ثناؤه : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهِ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصّدّيقِينَ والشهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ } وإنما قلنا ذلك معنى الكلام ، لأن كون المنافق مع المؤمنين غير نافعه بأيّ وجوه الكون كان معهم إن لم يكن عاملاً عملهم ، وإذا عمل عملهم فهو منهم ، وإذا كان منهم كان لا وجه في الكلام أن يقال : اتقوا الله وكونوا مع الصادقين . ولتوجيه الكلام إلى ما وجهنا من تأويله فسر ذلك من فسره من أهل التأويل بأن قال : معناه : وكونوا مع أبي بكر وعمر ، أو مع النبيّ صلى الله عليه وسلم والمهاجرين رحمة الله عليهم . ذكر من قال ذلك أو غيره في تأويله : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن زيد بن أسلم ، عن نافع ، في قول الله : { اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } قال : مع النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حبويه أبو يزيد ، عن يعقوب القمي ، عن زيد بن أسلم ، عن نافع ، قال : قيل للثلاثة الذين خلفوا : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } محمد وأصحابه . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : { وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } قال : مع أبي بكر وعمر وأصحابهما رحمة الله عليهم . قال : ثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا إسحاق بن بشر الكاهلي ، قال : ثنا خلف بن خليفة ، عن أبي هاشم الرماني ، عن سعيد بن جبير ، في قول الله : { اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } قال : مع أبي بكر وعمر رحمة الله عليهما . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } قال : مع المهاجرين الصادقين . وكان ابن مسعود فيما ذكر عنه يقرؤه : " وكُونُوا مِنَ الصَّادِقِينَ " ويتأوّله أن ذلك نهي من الله عن الكذب . ذكر الرواية عنه بذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا آدم العسقلاني ، قال : ثنا شعبة ، عن عمرو بن مرّة ، قال : سمعت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود يقول : قال ابن مسعود : إن الكذب لا يحلّ منه جدّ ولا هزل ، اقرءوا إن شئتم : " يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مِنَ الصَّادِقِينَ " قال : وكذلك هي قراءة ابن مسعود : " من الصادقين " فهل ترون في الكذب رخصة ؟ قال : ثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرّة ، قال : سمعت أبا عبيدة ، عن عبد الله ، نحوه . قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن عمرو بن مرّة ، قال : سمعت أبا عبيدة يحدّث ، عن عبد الله قال : الكذب لا يصلح منه جدّ ولا هزل ، اقرءوا إن شئتم : " يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مِنَ الصَّادِقِينَ " وهي كذلك في قراءة عبد الله ، فهل ترون من رخصة في الكذب ؟ حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، قال : لا يصلح الكذب في هزل ولا جدّ ، ثم تلا عبد الله : { اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا } ما أدري أقال « مِنَ الصَّادِقِينَ » أو مَعَ الصَّادِقِينَ وهو في كتابي : { مَعَ الصَّادِقِينَ } . قال : ثنا أبي ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن عبد الله ، مثله . قال : ثنا أبي ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، مثله . والصحيح من التأويل في ذلك هو التأويل الذي ذكرناه عن نافع والضحاك ، وذلك أن رسوم المصاحف كلها مجمعة على : { وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } ، وهي القراءة التي لا أستجيز لأحد القراءة بخلافها ، وتأويل عبد الله رحمة الله عليه في ذلك على قراءته تأويل صحيح غير ، أن القراءة بخلافها .