Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 123-123)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله : يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله قاتلوا من وليَكم من الكفار دون من بعُد منهم ، يقول لهم : ابدءوا بقتال الأقرب فالأقرب إليكم داراً دون الأبعد فالأبعد . وكان الذين يلون المخاطبين بهذه الآية يومئذ الروم ، لأنهم كانوا سكان الشأم يومئذ ، والشأم كانت أقرب إلى المدينة من العراق . فأما بعد أن فتح الله على المؤمنين البلاد ، فإن الفرض على أهل كل ناحية قتال من وليهم من الأعداء دون الأبعد منهم ما لم يضطرّ إليهم أهل ناحية أخرى من نواحي بلاد الإسلام ، فإن اضطرّوا إليهم لزم عونهم ونصرهم ، لأن المسلمين يد على من سواهم . ولصحة كون ذلك ، تأوّل كل من تأوّل هذه الآية أن معناها إيجاب الفرض على أهل كلّ ناحية قتال من وليهم من الأعداء . ذكر الرواية بذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن شبيب بن غرقدة ، عن عروة البارقي ، عن رجل من بني تميم ، قال : سألت ابن عمر عن قتال الديلم ، قال : عليك بالروم . حدثنا ابن بشار وأحمد بن إسحاق وسفيان بن وكيع ، قالوا : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن يونس عن الحسن : { قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ } قال : الديلم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن الربيع ، عن الحسن : أنه كان إذا سئل عن قتال الروم والديلم تلا هذه الآية : { قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، قال : ثنا عمران أخي ، قال : سألت جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين ، فقلت : ما ترى في قتال الديلم ؟ فقال : قاتلوهم ورابطوهم ، فإنهم من الذين قال الله : { قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ } . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا سفيان ، عن الربيع ، عن الحسن أنه سئل عن الشام والديلم ، فقال : { قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ } : الديلم . حدثني عليّ بن سهل ، قال : ثنا الوليد ، قال : سمعت أبا عمرو وسعيد بن عبد العزيز يقولان : يرابط كلّ قوم ما يليهم من مسالحهم وحصونهم . ويتأوّلان قول الله : { قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ } . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ } قال : كان الذين يلونهم من الكفار العرب ، فقاتلوهم حتى فرغ منهم . فلما فرغ قال الله : { قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ باللَّهِ وَلا باليَوْمِ الآخِرِ … } حتى بلغ : { وَهُمْ صَاغِرُونَ } قال : فلما فرغ من قتال من يليه من العرب أمره بجهاد أهل الكتاب ، قال : وجهادهم أفضل الجهاد عند الله . وأما قوله : { وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً } فإن معناه : وليجد هؤلاء الكفار الذين تقاتلونهم { فِيكُمْ } أي منكم شدّة عليهم . { وَاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ مَعَ المُتقِينَ } يقول : وأيقنوا عند قتالكم إياهم أن الله معكم وهو ناصركم عليهم ، فإن اتقيتم الله وخفتموه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، فإن الله ناصر من اتقاه ومعينه .