Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 128-128)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره للعرب : { لَقَدْ جاءَكُمْ } أيها القوم { رَسُولٌ } الله إليكم { مِنْ أنْفُسِكُمْ } تعرفونه لا من غيركم ، فتتهموه على أنفسكم في النصيحة لكم . { عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنتُّمْ } أي عزيز عليه عنتكم ، وهو دخول المشقة عليهم والمكروه والأذى . { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } يقول : حريص على هدى ضلاَّلكم وتوبتهم ورجوعهم إلى الحقّ . { بالمُؤْمِنِينَ رَءُؤفٌ } : أي رفيق { رَحِيمٌ } . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، في قوله : { لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ } قال : لم يصبه شيء من شرك في ولادته . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، في قوله : { لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُمْ } قال : لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية . قال : وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إنّي خَرَجْتُ مِنْ نِكاحٍ ولَمْ أخْرُجْ مِنْ سِفاحٍ " . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، بنحوه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ } قال : جعله الله من أنفسهم ، ولا يحسدونه على ما أعطاه الله من النبوّة والكرامة . وأما قوله : { عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ } فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : ما ضللتم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا طلق بن غنام ، قال : ثنا الحكم بن ظهير عن السديّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ } قال : ما ضللتم . وقال آخرون : بل معنى ذلك : عزيز عليه عنت مؤمنكم . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ } عزيز عليه عنت مؤمنهم . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول ابن عباس وذلك أن الله عمّ بالخبر عن نبيّ الله أنه عزيز عليه ما عنت قومه ، ولم يخصص أهل الإيمان به ، فكان صلى الله عليه وسلم كما وصفه الله به عزيزا عليه عنت جميعهم . فإن قال قائل : وكيف يجوز أن يوصف صلى الله عليه وسلم بأنه كان عزيزا عليه عنت جميعهم وهو يقتل كفارهم ويسبي ذراريهم ويسلبهم أموالهم ؟ قيل : إن إسلامهم لو كانوا أسلموا كان أحبّ إليه من إقامتهم على كفرهم وتكذيبهم إياه حتى يستحقوا ذلك من الله ، وإنما وصفه الله جلّ ثناؤه بأنه عزيز عليه عنتهم ، لأنه كان عزيزاً عليه أن يأتوا ما يعنتهم وذلك أن يضلوا فيستوجبوا العنت من الله بالقتل والسبي . وأما « ما » التي في قوله : { ما عَنِتُّمْ } فإنه رفع بقوله : { عَزِيزٌ عَلَيْهِ } لأن معنى الكلام : ما ذكرت عزيز عليه عنتكم . وأما قوله : { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } فإن معناه : ما قد بينت ، وهو قول أهل التأويل ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } حريص على ضالهم أن يهديه الله . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } قال : حريص على من لم يسلم أن يسلم .