Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 55-55)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فلا تعجبك يا محمد أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم في الحياة الدنيا ، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة . وقال : معنى ذلك : التقديم وهو مؤخر . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَلا تُعْجِبْكَ أمْوَالُهُمْ وَلا أوْلادُهُمْ } قال : هذه من تقاديم الكلام ، يقول : لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا ، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة . حدثنا المثنى ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ بِها } فِي الآخِرَةِ . وقال آخرون : بل معنى ذلك : إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا ، بما ألزمهم فيها من فرائضه . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن المسيب بن شريك ، عن سلمان الأقصري ، عن الحسن : { إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ بِها فِي الحَياةِ الدُّنْيا } قال : بأخذ الزكاة والنفقة في سبيل الله تعالى . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ بِها فِي الحَياةِ الدُّنْيا } بالمصائب فيها ، هي لهم عذاب وهي للمؤمنين أجر . قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب في ذلك عندنا ، التأويل الذي ذكرنا عن الحسن ، لأن ذلك هو الظاهر من التنزيل ، فصرف تأويله إلى ما دلّ عليه ظاهره أولى من صرفه إلى باطن لا دلالة على صحته ، وإنما وجه من وجه ذلك إلى التقديم وهو مؤخر ، لأنه لم يعرف لتعذيب الله المنافقين بأموالهم وأولادهم في الحياة الدنيا وجهاً يوجهه إليه ، وقال : كيف يعذّبهم بذلك في الدنيا ، وهي لهم فيها سرور ، وذهب عنه توجيهه إلى أنه من عظيم العذاب عليه إلزامه ما أوجب الله عليه فيها من حقوقه وفرائضه ، إذ كان يلزمه ويؤخذ منه وهو غير طيب النفس . ولا راج من الله جزاء ولا من الآخذ منه حمداً ولا شكراً على ضجر منه وكره . وأما قوله : { وَتَزْهَقَ أنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ } فإنه يعني : وتخرج أنفسهم ، فيموتوا على كفرهم بالله وجحودهم نبوّة نبيّ الله محمد صلى الله عليه وسلم ، يقال منه : زَهَقَتْ نفس فلان ، وزَهِقَتْ ، فمن قال : زَهَقَت ، قال : تَزْهَقُ ، ومن قال : زَهِقَتْ ، قال : تَزْهِقُ زُهُوقاً ومنه قيل : زَهَق فلان بين أيدي القوم يَزْهَقُ زُهُوقاً : إذا سبقهم فتقدمهم ، ويقال : زَهَقَ الباطل : إذا ذهب ودرس .