Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 58-58)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ومن المنافقين الذين وصفت لك يا محمد صفتهم في هذه الآيات { مَنْ يَلْمِزُك فِي الصَّدَقاتِ } يقول : يعيبك في أمرها ويطعن عليك فيها ، يقال منه : لمز فلاناً يَلْمِزُه ، ويَلْمُزُه : إذا عابه وقرصه ، وكذلك همزه . ومنه قيل : فلان هُمَزةُ لمَزة ، ومنه قول رؤبة : @ قارَبْتُ بينَ عَنَقِي وَجمْزِي فِي ظِلّ عَصْرَيْ باطِليِ ولَمْزِي @@ ومنه قول الآخر : @ إذَا لَقِيتُكَ تُبْدِي لي مُكاشَرَةً وأنْ أغِيبَ فأنْتَ العائِبُ اللُّمَزَهْ @@ { فإنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا } يقول : ليس بهم في عيبهم إياك فيها وطعنهم عليك بسببها الدين ، ولكن الغضب لأنفسهم ، فإن أنت أعطيتهم منها ما يرضيهم رضوا عنك ، وإن أنت لم تعطهم منهم سخطوا عليك وعابوك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ } قال : يَرُوزُك . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ } يروزك ويسألك . قال ابن جريج : وأخبرني داود بن أبي عاصم ، قال : قال أُتي النبيّ صلى الله عليه وسلم بصدقة ، فقسمها ههنا وههنا حتى ذهبت ، قال : ورآه رجل من الأنصار ، فقال : ما هذا بالعدل فنزلت هذه الآية . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ } يقول : ومنهم من يطعن عليك في الصدقات . وذُكر لنا أن رجلاً من أهل البادية حديث عهد بأعرابية ، أتى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهباً وفضة ، فقال : يا محمد ، والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما عدلت فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : " وَيْلَكَ فَمَنْ ذَا يَعْدِلُ عَلَيْكَ بَعْدِي ؟ " ثم قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : " احْذَرُوا هَذَا وأشْباهَهُ ، فإنَّ فِي أُمِّتِي أشْباهَ هَذَا يَقْرَءُونَ القُرآنَ لا يُجاوزُ تَرَاقِيَهُمْ ، فإذَا خَرَجُوا فاقْتُلُوهُمْ ، ثُمَّ إذَا خَرَجُوا فاقْتُلُوهُمْ ، ثُمَّ إذَا خَرَجُوا فاقْتُلُوهُمْ " وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما أُعْطِيكُمْ شَيْئاً وَلا أمْنَعْكُمُوهُ إنَّمَا أنا خازِنٌ " حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ } قال : يطعن . قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي سعيد ، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسماً ، إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي ، فقال : اعدل يا رسول الله فقال : " وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إنْ لَمْ أعْدِلْ ؟ " فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه قال : " دعه ، فإنّ لَهُ أصَحاباً يَحْقِرُ أحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ وَصِيامَهُ مَعَ صِيامِهِمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدّينِ كما يَمْرُقُ السَّهُمْ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، فَيَنْظُرُ فِي قُذَذهِ فَلا يَنْظُرُ شَيْئاً ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي نَصْلِهِ فَلا يَجِدُ شَيْئاً ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي رَصَافِهِ فَلا يَجِدُ شَيْئاً ، قَد سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أسْوَدُ إحْدَى يَدَيْهِ أوْ قالَ : يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرأة أوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ ، يَخْرُجُونَ على حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ النَّاسِ " قال : فنزلت : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ } . قال أبو سعيد : أشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأشهد أن عليًّا رحمة الله عليه حين قتلهم جيء بالرجل على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فإنْ أُعُطُوا مِنْها رَضوا وَإنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } قال : هؤلاء المنافقون ، قالوا : والله ما يعطيها محمد إلا من أحبّ ، ولا يؤثر بها إلا هواه فأخبر الله نبيه ، وأخبرهم أنه إنما جاءت من الله ، وأن هذا أمر من الله ليس من محمد : { إنَّمَا الصَّدقاتُ للفُقَرَاءِ … } الآية .