Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 72-72)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : وعد الله الذين صدقوا الله ورسوله وأقرّوا به وبما جاء به من عند الله من الرجال والنساء { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأَنْهَارُ } يقول : بساتين تجري تحت أشجارها الأنهار ، { خالِدِينَ فِيها } يقول : لابثين فيها أبداً مقيمين لا يزول عنهم نعيمها . ولا يبيد . وَمَساكِنَ طَيِّبَةً يقول : ومنازل يسكنونها طيبة . و « طيبها » ، أنها فيما ذُكر لنا كما : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا إسحاق بن سليمان ، عن الحسن ، قال : سألت عمران بن حصين وأبا هريرة عن آية في كتاب الله تبارك وتعالى : { وَمَساكِنَ طَيِّبَةٍ في جَنَّاتٍ عَدْنٍ } فقالا : على الخبير سقطت ، سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " قَصْرٌ فِي الجَنَّةِ مِنْ لُؤْلُؤٍ ، فِيهِ سَبْعُونَ دَاراً مِنْ ياقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ، في كُلّ دارٍ سَبْعُونَ بَيْتاً مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ ، في كُلّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً " حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : ثنا قرة بن حبيب ، عن حسن بن فرقد ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين وأبي هريرة ، قالا : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : { وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ } قال : " قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ ، فِي ذلكَ القَصْرِ سَبْعُونَ دَاراً مِنْ ياقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ، فِي كُلُّ دَارٍ سَبْعُونَ بَيْتاً مِنْ زَبَرْجَدَة خَضْرَاءَ ، في كُلّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً ، على كُلّ سَرِيرٍ فِرَاشاً مِنْ كُلّ لَوْنٍ ، على كُلّ فِرَاشٍ زَوْجَةٌ مِنَ الحُورِ العِينِ ، في كُلّ بَيْتٍ سَبْعُونَ مائِدَةً ، على كُلّ مائِدَةٍ سَبْعُونَ لَوْناً مِنْ طَعامٍ ، في كُلّ بَيْتٍ سَبْعُونَ وَصِيفَةً وَيُعْطَى المُؤْمِنُ مِنَ القُوَّةِ في غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ ما يَأتي على ذلكَ كُلِّه أجْمَعُ " وأما قوله : { فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ } فإنه يعني : وهذه المساكن الطيبة التي وصفها جلّ ثناؤه في جنات عدن وفي من صلة مساكن . وقيل : جنات عدن ، لأنها بساتين خلد وإقامة لا يظعن منها أحد . وقيل : إنما قيل لها جنات عدن ، لأنها دار الله التي استخلصها لنفسه ولمن شاء من خلقه ، من قول العرب : عدن فلان بأرض كذا ، إذا أقام بها وخلد بها ، ومنه المعدن ، ويقال : هو في معدن صدق ، يعني به أنه في أصل ثابت وقد أنشد بعض الرواة بيت الأعشى : @ وَإنْ تَسْتَضِيفُوا إلى حُكْمِهِ تُضَافُوا إلى رَاجِحٍ قَدْ عَدَنْ @@ وينشد : « قد وزن » . وكالذي قلنا في ذلك ، كان ابن عباس وجماعة معه فيما ذكر يتأوّلونه . حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، قال : ثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : { جَنَّاتِ عَدْنِ } قال : معدن الرجل الذي يكون فيه . حدثنا محمد بن سهل بن عسكر ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : ثنا الكندي ، سعد عن زيادة بن محمد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن فضالة بن عبيد ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ الذّكْرَ ثَلاثِ ساعاتٍ يَبْقَيْنَ مِنَ اللَّيْلِ : في السَّاعَةِ الأُولى مِنْهُنَّ يَنْظُرُ فِي الكِتَابِ الَّذِي لا يَنْظُرُ فِيهِ أحَدٌ غيرُهُ فَيَمْحُو ما يَشاءُ ويُثْبِتُ ، ثُمَّ يَنْزِلُ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ إلى جَنَّةِ عَدْنِ ، وَهيَ دَارُهُ التي لَمْ تَرَها عَيْنٌ ولَمْ تَخْطُرْ على قَلْبِ بَشَرٍ ، وَهِيَ مَسْكَنُهُ ، وَلا يَسْكُنُ مَعُهُ مِنْ بَنِي آدَمِ غيرَ ثلاثَة : النَّبِيِّينَ وَالصّدّيقينَ والشُّهَدَاءِ ، ثُمَّ يَقُولُ : طُوبَى لِمَنْ دَخَلَكِ " وَذَكَرَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ . حدثني موسى بن سهل ، قال : ثنا آدم ، قال : ثنا الليث بن سعد ، قال : ثنا زيادة بن محمد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن فضالة بن عبيد ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عَدْنٌ دارُهُ " يعني دار الله " التي لم ترها عَيْنٌ ولم تَخْطُرْ على قَلْبٍ بَشَرٍ ، وهي مَسْكَنُهُ ، ولا يسكنها معه من بني آدم غَيْرُ ثلاثٍ : النبيين ، والصدّيقين ، والشهداء ، يقول الله تبارك وتعالى : طُوبَى لمن دَخَلَكَ " وقال آخرون : معنى { جَنَّاتِ عَدْنٍ } : جنات أعناب كروم . ذكر من قال ذلك : حدثني أحمد بن أبي سريج الرازي ، قال : ثنا زكريا بن عديّ ، قال : ثنا عبيد الله بن عمرو ، عن زيد ابن أبي أنيسة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحرث ، أن ابن عباس سأل كَعَباً عن جنات عدن ، فقال : هي الكروم والأعناب بالسريانية . وقال آخرون : هي اسم لُبْطَنان الجنة ووسطها . ذكر من قال ذلك : حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : ثنا بشر بن المفضل ، قال : ثنا شعبة ، عن سليمان الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : عدن : بُطْنان الجنة . حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى ، قالا : ثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان وشعبة ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، في قوله : { جَنَّاتِ عَدْنٍ } قال : بُطْنان الجنة . قال ابن بشار في حديثه : فقلت : ما بطنانها ؟ وقال ابن المثنى ، في حديثه : فقلت للأعمش : ما بطنان الجنة ؟ قال : وسطها . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة وأبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله : { جَنَّاتِ عَدْنٍ } قال : بُطْنان الجنة . قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، بمثله . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدّي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، مثله . حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : ثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى وعبد الله بن مرّة عنهما جميعا ، أو عن أحدهما ، عن مسروق ، عن عبد الله : { جَنَّاتِ عَدْنٍ } قال : بُطْنان الجنة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود في قول الله : { جَنَّاتِ عَدْنٍ } قال : بُطْنان الجنة . وقال آخرون : عدن : اسم لقصر . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ بن سعيد الكندي ، قال : ثنا عبدة أبو غسان ، عن عون بن موسى الكناني ، عن الحسن ، قال : جنات عدن ، وما أدراك ما جنات عدن قصر من ذهب لا يدخله إلا نبيّ أو صدّيق أو شهيد أو حكم عدل . ورفع به صوته . حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : ثنا عبد الله بن عاصم ، قال : ثنا عون بن موسى ، قال : سمعت الحسن بن أبي الحسن ، يقول : جنات عدن ، وما أدراك ما جنات عدن قصر من ذهب ، لا يدخله إلا نبيّ أو صدّيق ، أو شهيد ، أو حكم عدل ورفع الحسن به صوته . حدثنا أحمد ، قال : ثنا يزيد ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن نافع بن عاصم ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : إن في الجنة قصرا يقال له : عدن ، حوله البروج والروح ، له خمسون ألف باب على كل باب حِبَرَة ، لا يدخله إلا نبيّ أو صدّيق . حدثنا الحسن بن ناجح ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، قال : سمعت يعقوب بن عاصم يحدّث ، عن عبد الله بن عمرو : أن في الجنة قصرا يقال له عدن ، له خمسة آلاف باب ، على كل باب خمسة آلاف حِبَرَة ، لا يدخله إلا نبيّ أو صدّيق أو شهيد . وقيل : هي مدينة الجنة . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن عبد الرحمن المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك : { في جَنَّاتِ عَدْنٍ } قال : هي مدينة الجنة ، فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى ، والناس حولهم بعد ، والجنات حولها . وقيل : إنه اسم نهر . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن المحاربي ، عن واصل بن السائب الرقاشي ، عن عطاء ، قال : عدن : نهر في الجنة ، جناته على حافتيه . وأما قوله : { وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أكْبَرُ } فإن معناه ورضا الله عنهم أكبر من ذلك كله ، وبذلك جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثني المثنى ، قال : ثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الجَنَّةِ : يا أهْلَ الجَنَّةِ فَيَقُولُونَ : لَبَّيْكَ رَبَّنا وَسَعْدَيْكَ فَيَقُولُ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولونَ : ومَا لَنا لا نَرْضَى وَقَدْ أعْطَيْتَنَا ما لَمْ تُعْطِ أحَداً مِنْ خَلْقِكَ فَيَقول أنا أعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِنْ ذلكَ قالُوا : يا رَبّ وأيُّ شَيْ أفْضَلُ مِنْ ذلكَ ؟ قال : أُحِلّ عَلَيْكُمْ رِضْوَاني فَلا أسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبَداً " حدثنا ابن حميد ، قال : ثني يعقوب ، عن حفص ، عن شمر ، قال : يجيء القرآن يوم القيامة في صورة الرجل الشاحب إلى الرجل ، حين ينشقّ عنه قبره ، فيقول : أبشر بكرامة الله ، أبشر برضوان الله فيقول مثلك من يبشر بالخير ومن أنت ؟ فيقول : أنا القرآن الذي كنت أسْهِر ليلك ، وأظمىء نهارك . فيحمله على رقبته ، حتى يوافى به ربّه ، فيمثل بين يديه ، فيقول : يا ربّ عبدك هذا اجزه عني خيراً ، فقد كنت أسهر ليله ، وأظمىء نهاره ، وآمره فيطيعني ، وأنهاه فيطيعني فيقول الربّ تبارك وتعالى : فله حلة الكرامة فيقول : أي ربّ زده ، فإنه أهل ذلك فيقول : فله رضواني قال : ورضوان من الله أكبر . وابتدىء الخبر عن رضوان الله للمؤمنين والمؤمنات أنه أكبر من كلّ ما ذكر جلّ ثناؤه ، فرفع ، وإن كان الرضوان فيما قد وعدهم ، ولم يعطف به في الإعراب على الجنات والمساكن الطيبة ، ليعلم بذلك تفضيل الله رضوانه عن المؤمنين على سائر ما قسم لهم من فضله وأعطاهم من كرامته ، نظير قول القائل في الكلام الآخر أعطيتك ووصلتك بكذا ، وأكرمتك ، ورضاي بعد عنك أفضل ذلك . { ذلكَ هُوَ الفَوُزُ العَظِيمُ } هذه الأشياء التي وعدت المؤمنين والمؤمنات ، هو الفوز العظيم ، يقول : هو الظفر العظيم والنجاء الجسيم ، لأنهم ظفروا بكرامة الأبد ، ونجوا من الهوان في السفر ، فهو الفوز العظيم الذي لا شيء أعظم منه .