Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 83-83)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فإن ردّك الله يا محمد إلى طائفة من هؤلاء المنافقين من غزوتك هذه ، فاستأذنوك للخروج معك في أخرى غيرها ، فقل لهم : { لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعيَ عَدُوّا إنَّكُمْ رَضِيُتمْ بالقُعُودِ أوَّلَ مَرَّةٍ } وذلك عند خروج النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك { فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ } يقول : فاقعدوا مع الذين قعدوا من المنافقين خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنكم منهم ، فاقتدوا بهديهم واعملوا مثل الذي عملوا من معصية الله ، فإن الله قد سخط عليكم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : قال رجل : يا رسول الله ، الحرّ شديد ولا نستطيع الخروج ، فلا تنفر في الحرّ وذلك في غزوة تبوك ، فقال الله : { قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أشَدُّ حَرّاً لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ } فأمره الله بالخروج ، فتخلف عنه رجال ، فأدركتهم نفوسهم ، فقالوا : والله ما صنعنا شيئاً فانطلق منهم ثلاثة ، فلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما أتوه تابوا ثم رجعوا إلى المدينة ، فأنزل الله : { فَإنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ … } إلى قوله : { وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هَلَكَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا " فأنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهُمْ لَما تابُوا ، فقال : { لَقَدْ تابَ اللَّهُ على النَّبِيّ والمُهاجِرِينَ والأنْصَارِ … } إلى قوله : { إنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } وقال : { إنَّه بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فإنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إلى طائِفَةٍ منْهُمْ … } إلى قوله : { فاقْعُدُوا مَعَ الخالفينَ } : أي مع النساء . ذُكر لنا أنهم كانوا اثني عشر رجلاً من المنافقين ، فقيل فيهم ما قيل . حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : { فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ } والخالفون : الرجال . قال أبو جعفر : والصواب من التأويل في قوله { الخالِفِينَ } ما قال ابن عباس . فأما ما قال قتادة من أن ذلك النساء ، فقول لا معنى له لأن العرب لا تجمع النساء إذا لم يكن معهنّ رجال بالياء والنون ، ولا بالواو والنون . ولو كان معنياً بذلك النساء ، لقيل : « فاقعدوا مع الخوالف » ، أو « مع الخالفات » ، ولكن معناه ما قلنا من أنه أريد به : فاقعدوا مع مرضى الرجال وأهل زمانتهم والضعفاء منهم والنساء . وإذا اجتمع الرجال والنساء في الخبر ، فإن العرب تغلِّب الذكور على الإناث ، ولذلك قيل : { فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ } والمعنى ما ذكرنا . ولو وجِّه معنى ذلك إلى : فاقعدوا مع أهل الفساد ، من قولهم : خلف الرجال عن أهله يخلف خلوفاً ، إذا فسد ، ومن قولهم : هو خلف سوء كان مذهباً . وأصله إذا أريد به هذا المعنى من قولهم خَلَف اللبن يخَلُف خلوفاً إذا خَبُث من طول وضعه في السقاء حتى يفسد ، ومن قولهم : خَلَف فَمُ الصائم : إذا تغيرت ريحه .