Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 93, Ayat: 1-8)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالضحى ، وهو النهار كله ، وأحسب أنه من قولهم : ضَحِىَ فلان للشمس : إذا ظهر منه ومنه قوله : { وَأنَّكَ لا تَظْمأُ فِيها وَلا تَضْحَى } أي لا يصيبك فيها الشمس . وقد ذكرت اختلاف أهل العلم في معناه ، في قوله : { والشَّمْسِ وَضُحاها } مع ذكري اختيارنا فيه . وقيل : عُني به وقت الضحى . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { والضُّحَى } ساعة من ساعات النهار . وقوله : { وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : والليل إذا أقبل بظلامه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس . { وَاللَّيلِ إذَا سَجَى } يقول : والليل إذا أقبل . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قول الله : { وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } قال : إذا لَبِس الناسَ ، إذا جاء . وقال آخرون : بل معنى ذلك : إذا ذهب . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس { وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } يقول : إذا ذهب . وقال آخرون : معناه : إذا استوى وسكن . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا مِهْران وحدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع جميعاً ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } قال : إذا استوى . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } قال : إذا استوى . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } سكن بالخلق . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : { وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } يعني : استقراره وسكونه . حدثني يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى } قال : إذا سكن ، قال : ذلك سَجْوه ، كما يكون سكون البحر سجوه . وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي في ذلك قول من قال معناه : والليل إذا سكن بأهله ، وثبت بظلامه ، كما يقال : بحر ساج : إذا كان ساكناً ومنه قول أعشى بني ثعلبة . @ فَمَا ذَنْبُنا إنْ جاش بَحْرُ ابنِ عَمِّكُمْ وَبَحْرُكَ ساجٍ ما يُوَارِي الدَّعامِصَا @@ وقول الراجز : @ يا حَبَّذَا القَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاجْ وطُرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النَّسَّاجْ @@ وقوله : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } وهذا جواب القسم ، ومعناه : ما تركك يا محمد ربك وما أبغضك . وقيل : { وَما قَلى } ومعناه : وما قلاك ، اكتفاء بفهم السامع لمعناه ، إذ كان قد تقدّم ذلك قولُه : { ما وَدَّعَكَ } فعُرف بذلك أن المخاطب به نبيّ الله صلى الله عليه وسلم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } يقول : ما تركك ربك ، وما أبغضك . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } قال : ما قلاك ربك وما أبغضك قال : والقالي : المبغض . وذُكر أن هذه السورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تكذيباً من الله قريشاً في قيلهم لرسول الله ، لما أبطأ عليه الوحي : قد ودّع محمداً ربُّه وقَلاه . ذكر الرواية بذلك : حدثني عليّ بن عبد الله الدهان ، قال : ثنا مفضل بن صالح ، عن الأسود بن قيس العبديّ ، عن ابن عبد الله ، قال : لما أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت امرأة من أهله ، أو من قومه : ودّع الشيطان محمداً ، فأنزل الله عليه : { وَالضُّحَى } … إلى قوله : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } . قال أبو جعفر : ابن عبد الله : هو جُندَب بن عبد الله البَجَلي . حدثني محمد بن عيسى الدامغاني ، ومحمد بن هارون القطان ، قالا : ثنا سفيان ، عن الأسود بن قيس سمع جندبا البجليّ يقول : أبطأ جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى قال المشركون : ودّع محمداً ربُّه ، فأنزل الله : { وَالضُّحَى واللَّيْلِ إذَا سَجَى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الأسود بن قيس ، أنه سمع جندباً البَجَليّ قال : قالت امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أرى صاحبك إلا قد أبطأ عنك ، فنزلت هذه الآية : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأسود بن قيس ، قال : سمعت جندب بن عبد الله يقول : إن امرأة أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : ما أرى شيطانك إلا قد تركك ، فنزلت : { والضُحَى وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } . حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : ثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : ثنا سليمان الشيبانيّ ، عن عبد الله بن شدّاد أن خديجة قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم : ما أرى ربك إلا قد قلاك ، فأنزل الله : { وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } قال : إن جبريل عليه السلام أبطأ عليه بالوحي ، فقال ناس من الناس ، وهم يومئذٍ بمكة ، ما نرى صاحبك إلا قد قلاك فودّعك ، فأنزل الله ما تسمع : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلَى } . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } قال : أبطأ عليه جبريل ، فقال المشركون : قد قلاه ربُّه وودّعه ، فأنزل الله : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } مكث جبريل عن محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال المشركون : قد ودّعه ربه وقلاه ، فأنزل الله هذه الآية . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } قال : لما نزل عليه القرآن ، أبطأ عنه جبريل أياما ، فعُيِّر بذلك ، فقال المشركون : ودّعه ربه وقلاه ، فأنزل الله : { ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : أبطأ جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فجزع جزعاً شديداً ، وقالت خديجة : أرى ربك قد قَلاك ، مما نرى من جزعك ، قال : فنزلت { والضُّحَى واللَّيْلِ إذَا سَجَى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى } … إلى آخرها . وقوله : { وَلّلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى } يقول تعالى ذكره : وللدار الآخرة ، وما أعدّ الله لك فيها ، خير لك من الدار الدنيا وما فيها يقول : فلا تحزن على ما فاتك منها ، فإن الذي لك عند الله خير لك منها . وقوله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } يقول تعالى ذكره : ولسوف يعطيك يا محمد ربك في الآخرة من فواضل نِعَمه ، حتى ترضى . وقد اختلف أهل العلم في الذي وعده من العطاء ، فقال بعضهم : هو ما : حدثني به موسى بن سهل الرمليّ ، قال : ثنا عمرو بن هاشم ، قال : سمعت الأوزاعيّ يحدّث ، عن إسماعيل ابن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ، عن عليّ بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، قال : عُرِض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده ، كَفْراً كَفْراً ، فسرّ بذلك ، فأنزل الله { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَترْضَى } فأعطاه في الجنة ألف قصر ، في كلّ قصر ، ما ينبغي من الأزواج والخدم . حدثني محمد بن خلف العسقلانيّ ، قال : ثني رَوَّاد بن الجراح ، عن الأوزاعيّ ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن عليّ بن عبد الله بن عباس ، في قوله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } قال : ألف قصر من لؤلؤ ، ترابهنّ المسك ، وفيهنّ ما يصلحهنّ . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتْرَضَى } ، وذلك يوم القيامة . وقال آخرون في ذلك ما : حدثني به عباد بن يعقوب ، قال : ثنا الحكم بن ظهير ، عن السديّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَترْضَى } قال : من رضا محمد صلى الله عليه وسلم ألاّ يدخل أحد من أهل بيته النار . وقوله : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوَى } يقول تعالى ذكره معدّداً على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم نِعَمه عنده ، ومذكِّره آلاءه قِبَلَه : ألم يجدك يا محمد ربك يتيماً فآوى ، يقول : فجعل لك مَأْوًى تأوي إليه ، ومنزلاً تنزله { وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى } ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم . وقال السديّ في ذلك ما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مِهْران ، عن السديّ { وَوَجَدَكَ ضَالاً } قال : كان على أمر قومه أربعين عاماً . وقيل : عُنِي بذلك : ووجدك في قوم ضُلاَّل فهداك . وقوله : { وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأغْنَى } يقول : ووجدك فقيراً فأغناك ، يقال منه : عال فلان يَعيل عَيْلَة ، وذلك إذا افتقر ومنه قول الشاعر : @ فَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتى غِناه وَما يَدْرِي الغَنِيُّ مَتى يَعِيلُ @@ يعني : متى يفتقر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا مِهْران ، عن سفيان { وَوَجَدَكَ عائِلاً } فقيراً . وذُكر أنها في مصحف عبد الله : « وَوَجَدَكَ عَدِيماً فآوَى » . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوَى وَوَجَدَك ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عائِلاً فأغْنَى } قال : كانت هذه منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يبعثه الله سبحانه وتعالى .