Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 94, Ayat: 1-8)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، مذكِّره آلاءه عنده ، وإحسانه إليه ، حاضاً له بذلك على شكره على ما أنعم عليه ، ليستوجب بذلك المزيد منه : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ } يا محمد ، للهدى والإيمان بالله ومعرفة الحقّ { صَدْرَكَ } فنلين لك قلبك ، ونجعله وعاء للحكمة { وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } يقول : وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك ، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر : « وَحَلَلْنا عَنْكَ وِقْرَكَ » { الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ } يقول : الذي أثقل ظهرك فأوهنه ، وهو من قولهم للبعير إذا كان رجيع سفر ، قد أوهنه السفر ، وأذهب لحمه : هو نِقْضُ سَفَر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } قال : ذنبك . وقوله : { أنْقَضَ ظَهْرَكَ } قال : أثقل ظهرك . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أَلَمَ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ } : كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته ، فغفرها الله له . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { أنْقَضَ ظَهْرَكَ } قال : كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته ، فغفرها الله له . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : { وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } يعني : الشرك الذي كان فيه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } قال : شرح له صدرَه ، وغفر له ذنبَه الذي كان قبل أن يُنَبأ ، فوضعه . وفي قوله : { الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ } قال : أثقله وجهده ، كما يُنْقِضُ البعيرَ حِمْله الثقيل ، حتى يصير نِقْضاً بعد أن كان سميناً { وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ } قال : ذنبك الذي أنقض ظهرك : أثقل ظهرَك ، ووضعناه عنك ، وخفَّفنا عنك ما أثقل ظهرَك . وقوله : { وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ } يقول : ورفعنا لك ذكرك ، فلا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي ، وذلك قول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُريب وعمرو بن مالك ، قالا : ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ } قال : لا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ } قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ابْدَؤُوا بالعُبُودَةِ ، وَثَنُّوا بالرسالة " فقلت لمعمر ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ، فهو العبودة ، ورسوله أن تقول : عبده ورسوله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتاة { وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ } رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ، ولا متشهد ، ولا صاحب صلاة ، إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن درّاج ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخُدْرِيّ ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ : إنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ يَقُولُ : كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ ؟ قال : اللّهُ أعْلَمُ ، قال : إذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي " وقوله : { فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فإنّ مع الشدّة التي أنت فيها ، من جهاد هؤلاء المشركين ، ومِن أوَّله : ما أنت بسبيله ، رجاءً وفرجاً بأن يُظْفِرَك بهم ، حتى ينقادوا للحقّ الذي جئتهم به طوعاً وكَرهاً . ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية لما نزلت ، بَشَّر بها أصحابه وقال : " لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ " ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت يونس ، قال : قال الحسن : لما نزلت هذه الآية { فَإنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبْشِرُوا أتاكُمُ اليُسْرُ ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ " حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن يونس ، عن الحسن ، مثله ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم . حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، قال : خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم يوماً مسروراً فَرِحاً وهو يضحك ، وهو يقول : " لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ فَإنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً " حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً } ذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشَّر أصحابه بهذه الآية ، فقال : " لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن " حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا سعيد ، عن معاوية بن قرة أبي إياس ، عن رجل ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : لو دخل العسر في جُحْر ، لجاء اليسر حتى يدخل عليه ، لأن الله يقول : فَإنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن شعبة ، عن رجل ، عن عبد الله ، بنحوه . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } قال : يتبع اليسرُ العُسرَ . وقوله : { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فإذا فرغت من صلاتك ، فانصب إلى ربك في الدعاء ، وسله حاجاتك . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصبْ } يقول : في الدعاء . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } يقول : فإذا فرغت مما فُرض عليك من الصلاة فسل الله ، وارغب إليه ، وانصَب له . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال ثنا عيسى وحدثنى الحارث قال ثنا الحسن قال ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } قال : إذا قمت إلى الصلاة فانصَب في حاجتك إلى ربك . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } يقول : من الصلاة المكتوبة قبل أن نسلَّم ، فانصَب . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ وَإلى رَبِّكَ فارْغَبْ } قال : أمره إذا فرغ من صلاته أن يبالغ في دعائه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { فَإذَا فَرَغْتَ } من صلاتك { فانْصَبْ } في الدعاء . وقال آخرون : بل معنى ذلك : { فَإذَا فَرَغْتَ } من جهاد عدوّك { فانْصَبْ } في عبادة ربك . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : قال الحسن في قوله : { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } قال : أمره إذا فرغ من غزوه ، أن يجتهد في الدعاء والعبادة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } قال عن أبيه : فإذا فرغت من الجهاد ، جهاد العرب ، وانقطع جهادهم ، فانصَب لعبادة الله { وَإلى رَبِّكَ فارْغَبْ } . وقال آخرون : بل معنى ذلك : فإذا فرغت من أمر دنياك ، فانصب في عبادة ربك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مِهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } قال : إذا فرغت من أمر الدنيا فانصَب ، قال : فصلّ . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { فَإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ } قال : إذا فرغت من أمر دنياك فانصَب ، فصلّ . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : { فَإذَا فَرَغْتَ } قال : إذا فرغت من أمر الدنيا ، وقمت إلى الصلاة ، فاجعل رغبتك ونيتك له . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : إن الله تعالى ذكره ، أمر نبيه أن يجعل فراغه من كلّ ما كان به مشتغلاً ، من أمر دنياه وآخرته ، مما أدّى له الشغل به ، وأمره بالشغل به إلى النصب في عبادته ، والاشتغال فيما قرّبه إليه ، ومسألته حاجاته ، ولم يخصُصْ بذلك حالاً من أحوال فراغه دون حال ، فسواء كلّ أحوال فراغه ، من صلاة كان فراغه ، أو جهاد ، أو أمر دنيا كان به مشتغلاً ، لعموم الشرط في ذلك ، من غير خصوص حال فراغ ، دون حال أخرى . وقوله : { وَإلى رَبِّكَ فارْغَبْ } يقول تعالى ذكره : وإلى ربك يا محمد فاجعل رغبتك ، دون من سواه من خلقه ، إذ كان هؤلاء المشركون من قومك قد جعلوا رغبتهم في حاجاتهم إلى الآلهة والأنداد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { وَإلى رَبِّكَ فارْغَبْ } قال : اجعل نيتك ورغبتك إلى الله . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { وَإلى رَبِّكَ فارْغَبْ } قال : اجعل رغبتك ونيتك إلى ربك . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَإلى رَبِّكَ فارْغَبْ } قال : إذا قمت إلى الصلاة .