Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 99, Ayat: 1-8)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { إذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ } لقيام الساعة { زِلْزَالَهَا } فرُجَّت رجًّا والزِّلزال : مصدر إذا كسرت الزاي ، وإذا فتحت كان اسماً وأضيف الزلزال إلى الأرض وهو صفتها ، كما يقال : لأكرمنك كرامتك ، بمعنى : لأكرمنك كرامة . وحَسُن ذلك في زلزالها ، لموافقتها رؤوس الآيات التي بعدها . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : { زُلْزِلَتِ الأرْضُ } على عهد عبد الله ، فقال لها عبدُ الله : مالك ؟ أما إنها لو تكلَّمت قامت الساعة . وقوله : { وَأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَهَا } يقول : وأخرجت الأرض ما في بطنها من الموتى أحياء ، والميت في بطن الأرض ثقل لها ، وهو فوق ظهرها حياً ثقل عليها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سنان القزّاز ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن شبيب ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس { وَأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقَالَهَا } قال : الموَتى . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، { وأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَهَا } قال : يعني الموتى . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَهَا } من في القبور . وقوله : { وَقالَ الإنْسانُ مالَهَا } يقول تعالى ذكره : وقال الناس إذا زُلزلت الأرض لقيام الساعة : ما للأرض وما قصتها { يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أخْبارَها } . كان ابن عباس يقول في ذلك ما : حدثني ابن سنان القزّاز ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن شبيب ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، { وَقالَ الإنْسانُ ما لَهَا } قال : الكافر . { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أخْبارَها } يقول : يومئذٍ تحدّث الأرض أخبارها . وتحديثها أخبارها ، على القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود ، أن تتكلم فتقول : إن الله أمرني بهذا ، وأوحى إليّ به ، وأذِن لي فيه . وأما سعيد بن جُبير ، فإنه كان يقول في ذلك ما : حدثنا به أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، قال : سمعت سعيد بن جُبير يقرأ في المغرب مرّة : « يَوْمَئِذٍ تُنَبِّىءُ أخْبارَها » ومرة : { تُحَدّثُ أخْبارَها } . فكأنّ معنى تحدّث كان عند سعيد : تُنَبىء ، وتنبيئها أخبارَها : إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها . وهذا القول قول عندي صحيح المعنى ، وتأويل الكلام على هذا المعنى : يومئذٍ تبّين الأرض أخبارها بالزلزلة والرَّجَّة ، وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها ، بوحي الله إليها ، وإذنه لها بذلك ، وذلك معنى قوله : { بأنَّ رَبَّكَ أوْحَى لَهَا } . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن . قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { وَأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَهَا بأنَّ رَبَّكَ أوْحَى لَهَا } قال : أمرها ، فألقَت ما فيها وتخلَّت . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { بأنَّ رَبَّكَ أوْحَى لَهَا } قال : أمرها . وقد ذُكر عن عبد الله أنه كان يقرأ ذلك : « يَوْمَئِذٍ تُنْبّىءُ أخْبارَها » وقيل : معنى ذلك أن الأرض تحدّث أخبارها مَنْ كان على ظهرها من أهل الطاعة والمعاصي ، وما عملوا عليها من خير أو شرّ . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أخْبارَها } قال : ما عمل عليها من خير أو شرّ ، بأن ربك أوحى لها ، قال : أعلمها ذلك . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أخبْارَها } قال : ما كان فيها ، وعلى ظهرها من أعمال العباد . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أخْبارَها } قال : تخبر الناس بما عملوا عليها . وقيل : عُنِي بقوله : { أوْحَى لَهَا } : أوحى إليها . ذكر من قال ذلك : حدثني ابن سنان القزّاز ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن شبيب ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس { أوْحَى لَهَا } قال : أوحى إليها . وقوله : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أشْتاتاً } قيل : إن معنى هذه الكلمة التأخير بعد { لِيُرَوْا أعمالَهُمْ } قالوا : ووجه الكلام : يومئذٍ تحدِّث أخبارها بأن ربك أوحى لها . لِيُرَوا أعمالهم ، يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً . قالوا : ولكنه اعترض بين ذلك بهذه الكلمة . ومعنى قوله : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أشْتاتاً } عن موقف الحساب فِرَقاً متفرّقين ، فآخذ ذات اليمين إلى الجنة ، وآخذ ذات الشمال إلى النار . وقوله : { لِيُرَوْا أعمالَهُمْ } يقول : يومئذ يصدر الناس أشتاتاً متفرّقين ، عن اليمين وعن الشمال ، لِيُرَوا أعمالهم ، فيرى المحسن في الدنيا ، المطيع لله عمله وما أعدّ الله له يومئذ من الكرامة ، على طاعته إياه كانت في الدنيا ، ويرى المسيىء العاصي لله عمله . وجزاء عمله ، وما أعدّ الله له من الهوان والخزي في جهنم ، على معصيته إياه كانت في الدنيا ، وكفره به . وقوله : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } يقول : فمن عمل في الدنيا وزن ذرّة من خير ، يرى ثوابه هنالك { وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } يقول : ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرّة من شرّ يرى جزاءه هنالك ، وقيل : ومَنْ يعمل ، والخبر عنها في الآخرة ، لفهم السامع معنى ذلك ، لما قد تقدّم من الدليل قبلُ ، على أن معناه : فمن عمل ذلك دلالة قوله : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أشْتاتاً لِيُرَوْا أعمالَهُمْ } على ذلك . ولكن لما كان مفهوماً معنى الكلام عند السامعين . وكان في قوله : { يَعْمَلْ } حثّ لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله ، والزجر عن معاصيه ، مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل ذلك ، على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله ، وما لهم على ذلك ، أخرج الخبر على وجه الخبر عن مستقبل الفعل . وبنحو الذي قلنا من أن جميعهم يرون أعمالهم ، قال : أهل التأويل ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا بو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } قال : ليس مؤمن ولا كافر عمِل خيراً ولا شرّاً في الدنيا ، إلا أتاه الله إياه . فأما المؤمن فيريه حسناته وسيئاته ، فيغفر الله له سيئاته . وأما الكافر فيردّ حسناته ، ويعذّبه بسيئاته . وقيل في ذلك غير هذا القول ، فقال بعضهم : أما المؤمن ، فيعجل له عقوبة سيئاته في الدنيا ، ويؤخِّر له ثواب حسناته ، والكافر يعجِّل له ثواب حسناته ، ويؤخر له عقوبة سيئاته . ذكر من قال ذلك : حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقيّ ، قال : ثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنيه محمد بن مسلم الطائفيّ ، عن عمرو بن قتادة ، قال : سمعت محمد بن كعب القُرَظِيّ ، وهو يفسِّر هذه الآية : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ } قال : من يعمل مثقال ذرّة من خير مِنْ كافر يَرَ ثوابه في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده ، حتى يخرج من الدنيا ، وليس له عنده خير { وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } مِنْ مؤمن ير عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس عنده شيء . حدثني محمود بن خِداش ، قال : ثنا محمد بن يزيد الواسطي ، قال : ثنا محمد بن مسلم الطائفيّ ، عن عمرو بن دينار ، قال : سألت محمد بن كعب القُرَظِيّ ، عن هذه الآية : { فَمَنْ يَعْمَلْ مثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } قال : من يعمل مثقال ذرّة من خير من كافر ، ير ثوابها في نفسه وأهله وماله ، حتى يخرج من الدنيا وليس له خير ومن يعمل مثقال ذرّة من شرّ من مؤمن ، ير عقوبتها في نفسه وأهله وماله ، حتى يخرج وليس له شرّ . حدثني أبو الخطاب الحَسَّاني ، قال : ثنا الهيثم بن الربيع ، قال : ثنا سماك بن عطية ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، قال : كان أبو بكر رضي الله عنه يأكل مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعمْلْ مثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } فرفع أبو بكر يده من الطعام ، وقال : يا رسول الله إني أُجزَى بما عملت من مثقال ذرّة من شرّ ؟ فقال : " يا أبا بَكْرٍ ، ما رأيْتَ فِي الدنْيا مِمَّا تَكْرَهُ فَمَثاقِيلُ ذَرّ الشَّرّ ، وَيَدَّخِرُ لَكَ اللَّهُ مَثاقِيلَ الخَيْرِ حتى تَوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ " حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أيوب ، قال : وجدنا في كتاب أبي قِلابة ، عن أبي إدريس : أن أبا بكر كان يأكل مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأنزلت هذه الآية : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } فرفع أبو بكر يده من الطعام ، وقال : إني لراءٍ ما عملت ، قال : لا أعلمه إلا قال : ما عملت من خير وشرّ ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إنَّ ما تَرَى مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مَثاقِيلُ ذرِّ شَرَ كَيِيرٍ ، وَيَدَّخِرُ اللَّهُ لكَ مَثاقِيلَ ذَرِّ الخَيْرِ حتى تُعْطاهُ يَومْ الْقِيامَةِ " وتصديق ذلك في كتاب الله : { وَما أصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَية ، قال : ثنا أيوب ، قال : قرأت في كتاب أبي قلابة قال : نزلت { فَمَنْ يَعْمَل مثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } وأبو بكر يأكل مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأمسك وقال : يا رسول الله ، إني لراءٍ ما عملتُ من خير وشرّ ؟ فقال : " أرأيْتَ ما رأيْتَ مِمَّا تَكْرَهُ ، فَهُوَ مِنْ مَثاقِيلِ ذَرّ الشَّرّ ، وَيَدَّخِرُ مَثاقِيلَ ذَرّ الخَيْرِ ، حتى تُعْطَوْهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ " قال أبو إدريس : فأرَى مصداقها في كتاب الله ، قال : { وَما أصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن داود ، عن الشعبيّ ، قال : قالت عائشة : يا رسول الله ، إن عبد الله بن جُدْعان كان يصل الرحم ، ويفعل ويفعل ، هل ذاك نافعه ؟ قال : " لا ، إنه لم يقل يوماً : رَبّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي يَوْمَ الدِّينِ " حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حفص ، عن داود ، عن الشعبيّ ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : قلت : يا رسول الله ، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويُطعم المسكين ، فهل ذاك نافعه ؟ قال : " لا يَنْفَعُهُ ، إنَّهُ لم يَقُلْ يَوْماً : { رَبّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } " حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن عامر الشعبيّ ، أن عائشة أمّ المؤمنين قالت : يا رسول الله ، إن عبد الله بن جُدْعان ، كان يصل الرحم ، ويَقْرِي الضيف ، ويفُكّ العاني ، فهل ذلك نافعه شيئاً ؟ قال : " لا ، إنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْماً : رَبّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدّينِ " حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن عامر ، عن علقمة ، أن سلمة بن يزيد الجُعفيّ ، قال : يا رسول الله ، إن أمنَّا هلَكت في الجاهلية ، كانت تصِل الرحم ، وتَقْرِي الضيف ، وتفعل وتفعل ، فهل ذلك نافعها شيئاً ؟ قال : " لا " حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا الحجاج بن المنهال ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : ثنا داود ، عن الشعبيّ ، عن علقمة بن قيس ، عن سلمة بن يزيد الجعفي ، قال : ذهبت أنا وأخي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، إن أمنَّا كانت في الجاهلية تقري الضيف ، وتصل الرحم ، هل ينفعها عملها ذلك شيئاً ؟ قال : " لا " حدثني محمد بن إبراهيم بن صَدْران وابن عبد الأعلى ، قالا : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : ثنا داود بن أبي هند ، عن الشعبيّ ، عن علقمة ، عن سلمة بن يزيد ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن محمد بن كعب ، أنه قال : أما المؤمن فيرى حسناته في الآخرة ، وأما الكافر فيرى حسناته في الدنيا . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا أبو نعامة ، قال : ثنا عبد العزيز بن بشير الضبي جدّه سلمان بن عامر أن سلمان بن عامر جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن أبي كان يصل الرحم ، ويفي بالذمة ، ويُكرم الضيف ، قال : " ماتَ قَبْلَ الإسْلامِ " ؟ قال : نعم ، قال : " لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلكَ " ، فوَّلى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عَليَّ بالشَّيْخِ " ، فجاء ، فَقالَ رسُول اللَّهَ صلى الله عليه وسلم : " إنَّها لَنْ تَنْفَعُهُ ، وَلَكِنَّها تَكُونُ فِي عَقِبِهِ ، فَلنْ تَخْزَوْا أبَداً ، وَلَنْ تَذِلُّوا أبَداً ، وَلَنْ تَفْتَقِرُوا أبَداً " حدثنا ابن المثنى وابن بشار ، قالا : ثنا أبو داود ، قال : ثنا عمران ، عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ المُؤْمِنَ حَسَنَةً يُثابُ عَلَيْها الرّزْقَ فِي الدُّنْيا ، ويُجْزَى بِها في الآخِرَةِ وأمَّا الكافِرُ فَيُعْطِيهِ بِها فِي الدُّنْيا ، فإذَا كانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ ، لَم تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ " حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا ليث ، قال : ثني المعلَّي ، عن محمد بن كعب القْرَظيّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أحْسَنَ مِنْ مُحْسِنٍ مُؤْمِنٍ أوْ كافِرٍ إلاَّ وَقَعَ ثَوَابُهُ عَلى اللَّهِ في عاجِلِ دُنْياهُ ، أوْ آجِلِ آخِرَتِهِ " حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليّ ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : أنزلت : { إذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا } وأبو بكر الصدّيق قاعد ، فبكى حين أُنزلت ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يُبْكِيكَ يا أبا بَكْرٍ ؟ " قال : يُبكيني هذه السورة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَوْلا أنَّكُمْ تُخْطِئونَ وَتُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ، لَخَلَقَ اللَّهُ أُمةً يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ فَيْغْفِرُ لَهُمْ " فهذه الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُنبىء عن أن المؤمن إنما يَرَى عقوبة سيِّئاته في الدنيا ، وثواب حسناته في الآخرة ، وأن الكافر يرى ثواب حسناته في الدنيا ، وعقوبة سيئاته في الآخرة ، وأن الكافر لا ينفعه في الآخرة ما سلف له من إحسان في الدنيا مع كُفره . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن عليّ ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيميّ ، قال : أدركت سبعين من أصحاب عبد الله ، أصغرهم الحارث بن سُوَيد ، فسمعته يقرأ : { إذَا زُلْزِلَت الأرْضُ زِلْزَالَهَا } حتى بلغ إلى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه } قال : إن هذا إحصاء شديد . وقيل : إن الذَّرَّةَ دُودة حمراء ليس لها وزن . ذكر من قال ذلك : حدثني إسحاق بن وهب العلاف ومحمد بن سنان القزّاز ، قالا : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا شبيب بن بشر ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قوله : { مِثْقالَ ذَرَّةٍ } قال ابن سنان في حديثه : مثقال ذرّة حمراء . وقال ابن وهب في حديثه : نملة حمراء . قال إسحاق ، قال يزيد بن هارون : وزعموا أن هذه الدودة الحمراء ليس لها وزن .