Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr ʿAbd ar-Razzāq

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

1527 - حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، قال : حدثني أبو هَارون العبدي عن أبي سعيد الخدري ، في قوله تعالى : { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا } : [ الآية : 1 ] ، قال : " حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلةِ أُسْرِيَ به ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أُتيتُ بِدابَةٍ هي أشبه الدوابِ بالبغل له أُذُنان مضطربتان وَهُوَ الْبُراقُ ، وهو الذي كانت تركبه الأنبياء قبْلي فركبته ، فانطلق يضع يَده عند منتهى بصرِه ، فَسَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يميني : يا محمد على رسْلِكَ أسأَلك ، فمضيت ولم أُعَرِّج عليه ، ثم سمعت نداء عن شمالي ، يا محمد على رسلك أسألك فمضيت ولم أُعرِّج عَلَيْهِ ، ثم استقبلتني امرأةٌ عَلْيها من كل زينة الدنيا ، رافعةً يدَها ، تقول : عَلَى رسلك أسألك فمضيت لم أعرِّج عليها . ثم أتيت بيت المقدس ، أو قال : المسجد الأقصى فنزلتُ عن الدابة ، فأوثقتها بالحلقة التي كانت الأنبياء توثِق بها ، ثم دَخلت المسجد فصليتُ فيه ، فقال لي جبريل : ما رأيتَ في وَجْهِكَ ؟ فقلت : سمعت نداءً عن يميني : أنْ يا محمد ، على رسلك أسألك ، فمضيت ، ولم أعرِّج عليه . قال : ذاك داعي اليهود ، إما إنك لو وقفت عليه تَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ قلت : ثم سمعت نداءً عن يساري ، أَنْ يا محمد على رسلك ، فمضيت ولم أُعرِّج عليه ، قال ذاك داعي النَّصارى ، أَمَا إنك لو وقفت عليه ، لتَنَصَّرَتْ أُمّتُك ، ثم استقبلتني امرأةٌ عَلَيْها مِنْ كُلِّ زينةِ الدنيا رافعةً يديها تقول : عَلَى رسلك يا محمد أسألُك ، فمضيت ولَمْ أُعرّج عَلَيْهَا . قال : تلك الدنيا تزينت لك ، أما إنك لو وَقَفْتَ عليها اختارت أُمَّتُكَ الدُّنْيا علَى الآخرة ، ثم أُتِيتُ بإناءَين أحدهما فيه لبن ، والآخر فيه خمر ، فقيل لي : اشرب أيَّهُما شئت . فأخذتُ اللبنَ فشربتُه ، فقال : أصبتَ الفطرةَ أو أخذت الفطرةَ . قال : معمر ، وأخبرني الزهري عن ابن المسيّب أنه قيل له : أما إنك لو أخذت الخمر غَوَتْ أمّتُك . ثم قال أبو هارون عن أبي سعيد الخدري في حديثه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ثم جيء بالمعراج الذي كانت تعرج فيه أرواح بني آدم ، فإذا أحسنُ ما رأيتُ ألم تروا إلى الميت كيف يخرُج ببصره إليه . فعرج بنا فيه حتى انتهينا إلى باب السماء الدنيا ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيلَ : ومن مَعَه ؟ قال : محمد ، قال : أوَقد أُرسِلَ إلَيْهِ ؟ قال : نعم . ففتحوا لي ، وَسَلَّمُوا عَلَيَّ ، وإذا مَلَكٌ مُوكَلٌ يحرس السماءَ يقال له إسماعيل ، معه سبعون ألف مَلَك ، مع كل مَلَكٍ منهم مائة ألف ، ثمر قرأ { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } : [ المدثر : 31 ] وإذا أنا برجل كهيئته يَوْمَ خلقه الله لم يتغير منه شيء وإذا هُوَ تُعْرَضُ علَيْه أرواح ذريته ، فإذا كان روح مؤمن قال : روح طيب وريح طيبة ، اجعلوا كتابه في عليين ، فإذا كان رُوحُ كافرٍ قال : رُوحٌ خبيث ورِيحٌ خبيثةٌ اجعلوا كتابه في سجين ، قلت لجبريل : من هذا ؟ قال : أبوك آدم ، فسلَّم علَيَّ ورَحَّب بي ، وقال : مرحباً بِابْنَيْ الصالح ، ثم نَظرت ، فإذا أنا بقومٍ لهُمْ مشافِرُ كمشافِرِ الإبل ، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافِرِهم ، ثم جعل في أفواهِهِم [ صخر ] من نارٍ ، يَخْرُج من أسافلهم ، قلت : يا جبريل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون أمْوَال اليتامى ظُلماً إنَّما يأكلونَ في بطونهم ناراً ، قال : ثم نظرت ، فإذا أنا بقَوْمٍ يحذى من جلودهم ، وَيُدَسُّ في أفواههم ، ويقال لهُمْ : كلوا كما أكَلْتُم فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلِك ، قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الهمازون اللّمازون الذين يأكلون لحوم النَّاس ، ثم نظرت فإذا أنا بقَوْمٍ على مائدةٍ عليها لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم ، وإذا حولهم جِيفٌ مُنْتِنَةٌ ، فجعلوا يمليون على الجيف يأكلون منها ، ويَدَعُون ذلك اللحمَ ، فقلت : يا جبريل ، منْ هؤلاء ؟ قال هؤلاء الزُّنَاة عَمَدُوا إلى ما حرَّمَ اللهُ عَلْيهم ، وتكروا ما أحَلَّ اللهُ لهُمْ ، ثم نظرت فإذا أنا بقَوْمٍ لهم بُطونٌ كأنها البيوت ، وهم عَلى سابِلَة آل فرعون فإذا مَرَّ بهِمْ آل فرعون ، فيميل بأحدهم بطنه فيقع ، فيتوطأهم آلُ فرعون بأرجلهم ، وهم يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ غُدوّاً وعَشِياً ، قلت : مَن هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أَكَلةُ الرِّبَا ، رَبا في بطونهم ، فمثلهم كمثل الذي يتخبطه الشيطانُ مِنَ الْمَسِّ . ثم نَظرتُ فإذا أنا بِنِساءٍ مُعلّقاتٍ بثديهنّ ، ونساء منكساتٍ بأرجُلِهِنَّ ، قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هن اللاتي يَزْنينَ ، ويَقْتُلْنَ أولادهُنَ ، ثم صعدنا إلى السَّماء الثانية ، فإذا أنا بيوسف وحوله تَبَعٌ كثير من أمته ، ووجهه مثل القمر ليلة البدر ، فسَلَّم عليَّ ورحب بي ، ثم مضينا إلى السَّماءِ الثالثة ، فإذا أنا بأبْنَيْ الخالة : يحيى وعيسى ، شَبهان أحدهما بصاحبه ثيابهما وشَعْرهما ، فَسَلَّما عَلَيَّ وَرَحَّبا بي ، ثم مضينا إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس ، فَسَلَّم عَلَيَّ ورَحَّبَ بِي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وقد قال الله تعالى : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } : [ مريم : 57 ] ثم مضينا إلى السماء الخامسة ، فإذا أنا بهارون المحبب في قومه ، وحوله تَبَعٌ كثيرٌ من أُمَّتِهِ ، فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم : طويل اللحية ، تكاد لحيته تمسّ سُرَّته ، فسلّم عليَّ ورحب بي ، ثم مضينا إلى السماء السادسة ، فإذا أنا بموسى فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي ، فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : رجل كثير الشعر ، لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما ، فقال موسى : يزعم الناس أني أكرم الخلق على الله ، وهذا أكرمُ على الله مني ، ولو كان وحده لم أبال ، ولكن كل نبي ومَن تبعه من أُمَّتِهِ ، ثم مضينا إلى السماء السَّابعة ، فإذا أنا بإبراهيم وهو جَالِسٌ مُسْنِدٌ ظَهْرَه إلى البيتِ المعمور فَسَلَّم عَلَيَّ ، وقال : مرحباً بِابْني الصالح ، وقال : إن هذا مكانك ومكان أمتك ، ثم تلا : { إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ } : [ آل عمران : 68 ] قال ثم دخلت البيتَ المعمورَ ، فصَلَّيْتُ فيه ، فإذا هُوَ يدخله كل يوم سعبون أَلْفَ مَلَك ، لا يعودون فيه إلى يوم القيامة ، ثم نظرت فإذا أنا بشجرةٍ إن كانت الورقة منها لمغطية هذه الأمة ، وإذا في أَصْلِها عَيْنٌ تجري ، فانشعبت شعبتين ، قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أَمَا هذا فهو نَهْرُ الرَّحْمَةِ ، وأما هذا فهو الكوثر الذي أَعْطَاكَهُ الله ، فاغْتَسَلْتُ في نهرِ الرحمةِ ، فعُفِرَ لي ما تَقَدَّم من ذَنْبي وما تَأَخَّر ، ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنَّةَ ، فإذا فيها ما لا عَيْنٌ رَأَتْ ، ولا أُذُنٌ سمِعَت ، ولا خَطَرَ على قلب بشر ، وإذا فيها رُمَّانٌ كأنها جلود الإبل المقتبة ، وإذا فيها طير كأنَّها البُخْتُ ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن تلك الطير لناعمة قال : أَكْلُها أَنْعَمَ مِنْها يا أبا بكر ، إني لأرجو أن تأْكُلَ منها ، قال : ورأيت جارية ، فسألتها لِمَنْ أنْتِ ؟ فقالت : لزيد بن حارثة ، فَبَشَّرَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً ، ثم إن الله تبارك وتعالى أمرني بأمره ، وفرض عَلَيَّ خسمين صلاة ، فمَرَرْتُ على موسى فقال : بِمَ أَمَرَكَ رَبُّكَ ؟ قُلْتُ : فَرَضَ خسمين صلاَة ؛ قال : ارجع إلى ربك ، فَسَلْه التخفيف فإنَّ أمتك لا يقومون لهذا ، فرجعت إلى ربّي فسألته فوضع عني عشراً ، ثم رجعت إلى مُوسَى ، فلم أزل أرجع إلى ربي إذا مررت بموسى ، حتى فَرَضَ عليَّ خمْسَ صلوات ، فقال لي موسى : ارجع إلى ربك فسَله التخفيف ، فقلت : لقد رجعت حتى استحييت ، أو قال : قلت ما أنا براجع ، قال : فقيل لي : إن لك بهذه الخَمْس صلوات خمسين صلاة ، الحسنة بعشر أمثالها ، ومَنْ هَمَّ بحسنة ثُمَّ لم يعملها كُتِبَتْ حسنةٌ ، ومن عملها كُتبت عَشْراً ، وَمَنْ هَمَّ بسَيئةٍ ولم يعملها لم يكتب عليه شيء ، فإن عملها كُتِبَت واحدة " . 1528 - حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن سالم ، عن مَعْدَان بن أبي طلحة ، عن ثوبان ، قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا عند عقر حوضي ، أَذُودُ الناس عنه لأهل اليمين إني لأضربهم بِعَصَاي حتى يَرْفَضَّ عنهم وإنه ليغبّ فيه مِيزابَان من الجنَّة ، أحدهما من وَرِق والآخَرَ من ذَهَب ، طولهما ما بين بصرى وصنعاء ، أو ما بين أيْلة ومكة أو من مقامي هذا إلى عمان " . 1529 - حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن رجل ، عن أبي هريرة قال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لَيَرِدَنَّ عليَّ ناس من أصحابي ، فَليجْلون عن الحوض - يعني يُنْحُونَ - فَلأقولنَّ : أي رب ، أصحابي أصحابي ! فَيُقال : إنك لا علم لك بما أَحْدَثُوا بعدك ! إنهم ارتدوا علَى أدبارهم القهقرى " . 1530 - حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الحسن قال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ليرفعنَّ ناس من أصحابي ، حتى إذا رأيتُهم ورأوني ، اخْتَلَجُوا دوني ، فلأقولن : أي رب ، أصحابي ، أصحابي ! فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " . 1531 - حدثنا عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قمت في الحجر ، حين كَذَّبَنِي قومي ليلة أُسْرِيَ بي ، فَأَثْنَيْتُ علَى رَبِّي ، وسألته أن يمثل لي بيتَ المقدس ، فَرُفِعَ لِي ، فَجَعَلْتُ أنعتُ لهم آياتِه " . 1532 - حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيّب ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم وَصَفَ لأصحابه ليلة أُسرِيَ به إبراهيم وموسى وعيسى فقال : " أما إبراهيم فلم أَرَ رجُلاً أشبه بصاحبكم منه ، وأما موسى فرجل آدم ، طوال ، جعد ، أقنى ، كأنه من رجال شنوءة . وأما عيسى ، فرجل أحمر ، بين القصير والطويل ، سِبْط الرأس كثير خيلان الوجْه ، كأنه خرج من ديماس ، [ تخال ] رأسه يقطر ماء ، وما به ماء ، أشبه من رأيت به عروة بن مسعود " . 1533 - عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : " أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بالبراق ليلة أُسرِيَ به مسرجاً ملجماً ليركبَه ، فاستصعب عليه ، فقال له جبريل : ما يحملك على هذا ، فوالله ما ركبكَ أحَدٌ قَطٌّ أكرم علَى الله منه ، فارفَضَّ عرقاً " . 1534 - حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن مسعر ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بنِ حبيش ، قال : ذكر عند حُذَيْفَة المسجد الأقصى ، فقلت : قد صلَّى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أنت تقول ذلك يا أصلع ! قلت : نعم ، بيني وبينك القرآن ، قال : فاقرأه ، قال : فقرأ : { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } الآية ، قال : هَلْ تجده صلَّى فيه ؟ قلت : لا ، قال حذيفة : لو صلَّى فيه لكتبت عليكم صلاة فيه كما كتبت عند المسجد الحرام ، ثم قال حذيفة : أُتِيَ بِدابة طوال هكذا ، وأشار بيده خَطْوُه مَدٌّ البَصَّرِ ، فما زايَلا ظهر البراق حتى رأيا الجنَّة والنار ، ووعده أجمع ، ثم رجعا عودهما على بدئهما ويحدثون أنه ربطه ليلاً لما نَفَر منه ، وإنَّما سَخَّرَهُ له عالِمُ الغيب والشهادة . 1535 - حدثنا عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان ، عن عمر بن نبهان ، عن قتادة عن أَنَسٍ ، قال : " إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حين أُسْرِيَ به مَرَّ بقَوْمٍ تُقَصُّ شفاههم بمقاريضَ مِنْ نارٍ ، فكُلَّمَا قصت عَادَتْ ، قال ، قلت : يا جبريل : مَنْ هؤلاء ؟ قال : هؤلاء خطباءُ أمتك الذين يقولُونَ ما لاَ يَعْلَمُونَ " .