Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 24-24)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } أي : امتزج به لسريانه فيه ، فالباء للمصاحبة ، أو هي للسببية ، أي : اختلط بسببه حتى خالط بعضه بعضاً ، أي : التف بعضه ببعض ، والأول أظهر { مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ } من الزروع والثمار والكلأ والحشيش { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا } أي : حسنها وبهجتها { وَٱزَّيَّنَتْ } أي : بأصناف النبات { وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ } أي : متمكنون من تحصيل حبوبها وثمرها وحصدها { أَتَاهَآ أَمْرُنَا } أي : عذابنا { لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً } أي : كالمحصود من أصله { كَأَن لَّمْ تَغْنَ } أي : لم تنبت { بِٱلأَمْسِ } أي : قبيل ذلك الوقت . و ( الأمس ) مَثَلٌ في الوقت القريب { كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } أي بالأمثلة تقريباً { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي : في معانيها . تنبيه قال القاشاني : البغي ضد العدل ، فكما أن العدل فضيلة شاملة لجميع الفضائل ، وهيأة وحدانية لها ، فائضة من نور الوحدة على النفس ، فالبغي لا يكون إلا عن غاية الانهماك في الرذائل ، بحيث يستلزمها جميعاً ، فصاحبها في غاية البعد عن الحق ، ونهاية الظلمة ، كما قال : " الظلم ظلمات يوم القيامة " فلهذا قال : ( عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) لا على المظلوم ، لأن المظلوم سعد به ، وشقي الظالم غاية الشقاء ، وهو ليس إلا متاع الحياة الدنيا . إذ جميع الإفراطات والتفريطات المقابلة للعدالة تمتعات طبيعية ، ولذات حيوانية ، تنقضي بانقضاء الحياة الحسية ، التي مثلها في سرعة الزوال ، وقلة البقاء ، هذا المثل الذي مثل به ، من تزين الأرض بزخرفها من ماء المطر ، ثم فسادها ببعض الآفات سريعاً قبل الانتفاع بنباتها ، ثم تتبعها الشقاوة الأبدية ، والعذاب الأليم الدائم . وفي الحديث : " أسرع الخير ثوابا صلة الرحم ، وأعجل الشر عقابا البغي واليمين الفاجرة " ؛ لأن صاحبه تتراكم عليه حقوق الناس ، فلا تحتمل عقوبته المهل الطويل الذي يحتمله حق الله تعالى . وسمعت بعض المشايخ يقول : قلما يبلغ الظالم والفاسق أوان الشيخوخة ، وذلك لمبارزتهما الله تعالى في هدم النظام المصروف عنايته تعالى إلى ضبطه ، ومخالفتهما إياه في حكمته وعدله . انتهى . ولما ذكر تعالى الدنيا وسرعة تقضيها ، رغب في الجنة ودعا إليها ، وسماها دار السلام ، أي : من الآفات والنقائص ، لذكر الدنيا بما يقابله من كونها معرضاً للآفات كما مر ، فقال سبحانه . { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ … } .