Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 51-51)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ } إنكار لإيمانهم بنزول العذاب بعد وقوعه حقيقة ، داخل مع ما قبله من إنكار استعجالهم به بعد إتيانه حكما ، تحت القول المأمور به . أي : أبعد ما وقع العذاب وحل بكم حقيقة ، آمنتم به حين لا ينفعكم الإيمان ؟ إنكاراً لتأخيره إلى هذا الحد ، وإيذاناً باستتباعه للندم والحسرة ، ليقلعوا عما هم عليه من العناد ، ويتوجهوا نحو التدارك قبل فوت الفوات - أفاده أبو السعود . وقوله تعالى : { الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } على إرادة القول . أي : قيل لهم إذا آمنوا بعد معاينة العذاب : ( آلآنَ ءَامنَتْم به ) ؟ وذلك إنكاراً للتأخير ، وتوبيخا عليه . وسر وضع { تَسْتَعْجِلُونَ } موضع ( تكذبون ) الذي يقتضيه الظاهر ، الإشارة إلى أن المراد به الاستعجال السابق ، وهو التكذيب والاستهزاء ، استحضارا لمقالتهم ، فهو أبلغ من ( تكذبون ) . وقيل : الاستعمال كناية عن التكذيب ، وفائدة هذه الحال استحضارها . هذا ما ذكروه ، ولا مانع من بقاء الاستعجال على حقيقته ، يدل عليه آية : { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ … } [ الأنفال : 32 ] الخ فهم مع تهكمهم رضوا بأن يعاينوا آية يعذبون بها ، لما في قلوبهم من مرض العناد العضال ، والجهل المصم المعمي ، ولذلك أجيبوا بأن العذاب هل فيه ما يستعجل منه . أي : فمثل هذا الاستعجال لا يصدر ممن له مسكة من عقل ، إذ لا يستعجل إلا ما يرجى خيره ، ثم أعلمهم بعدم فائدة إيمانهم وقتئذ ، وما يوبخون به ، إنكاراً للتأخير - والله أعلم .