Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 84-84)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ مُوسَىٰ } أي : تطميناً لقلوبهم ، وإزالة للخوف عنهم { يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤ } أي : فإليه أسندوا أمركم في العصمة مما تخافون ، وبه ثقوا ، فإنه كافيكم { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [ الطلاق : 3 ] . وقوله : { إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } أي : مخلصين وجوهكم له . قال القاشاني : جعل التوكل من لوازم الإسلام ، وهو إسلام الوجه لله تعالى ، أي : إن كمل إيمانكم ويقينكم ، بحيث أثر في نفوسكم ، وجعلها خالصة لله ، لزم التوكل عليه ؛ وإن أريد ( الإسلام ) بمعنى الانقياد ، كان شرطاً في التوكل ، لا ملزوماً له ، وحينئذ يكون معناه : إن صح إيمانكم يقيناً فعليه توكلوا ، بشرط أن تكونوا منقادين ، كما تقول : إن كرهت هذا الشجر فاقلعه إن قدرت - انتهى . وقال الكرخي : قوله تعالى : { إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } أي : منقادين لأمره ، فقوله : { فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤ } جواب الشرط الأول ، والشرط الثاني وهو { إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } شرط في الأول . وذلك أن الشرطين متى لم يترتبا في الوجود ، فالشرط الثاني شرط في الأول . ولذلك لم يجب تقديمه على الأول . قال الفقهاء : المتأخر يجب أن يكون متقدما ، والمتقدم يجب أن يكون متأخراً . مثاله : قول الرجل لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت زيداً . فمجموع قوله : ( إن دخلت الدار فأنت طالق ) مشروط بقوله ( إن كلمت زيداً ) . والمشروط متأخر عن الشرط ، وذلك يقتضي أن يكون المتأخر في اللفظ ، متقدماً في المعنى ، وأن يكون المتقدم في اللفظ ، متأخراً في المعنى ، فكأنه يقول لامرأته : حال ما كلمت زيداً إن دخلت الدار فأنت طالق ، فلو حصل هذا المعلق قبل أن كلمت زيداً لم يقع الطلاق . فقوله تعالى : { إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ } إلخ يقتضي أن يكون كونهم مسلمين ، شرطاً لأن يصيروا مخاطبين بقوله : { إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ } فكأنه تعالى يقول للمسلم حال إسلامه : إن كنت من المؤمنين بالله فعلى الله توكل . والأمر كذلك ، لأن الإسلام عبارة عن الاستسلام ، وهو الانقياد لتكاليف الله ، وترك التمرد ، والإيمان عبارة عن معرفة القلب بأن واجب الوجود لذاته واحد ، وما سواه محدث تحت تدبيره وقهره . وإذا حصلت هاتان الحالتان فعند ذلك يفوض العبد جميع أموره إليه تعالى ، ويحصل في القلب نور التوكل على الله تعالى . انتهى .