Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 101, Ayat: 1-5)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْقَارِعَةُ * مَا ٱلْقَارِعَةُ } قال أبو السعود القرع : هو الضرب بشدة واعتماد ، بحيث يحصل منه صوت شديد ، وهي القيامة . سميت بها لأنها تفزع القلوب والأسماع بفنون الأفزاع والأهوال . وتخرج جميع الأجرام العلوية والسفلية من حال إلى حال : السماء بالانشقاق والانفطار ، والشمس والنجوم بالتكوير والانكدار والانتثار ، والأرض بالزلزال والتبديل والجبال بالدك والنسف . وهي مبتدأ خبره قوله تعالى : { مَا ٱلْقَارِعَةُ } على أن { مَا } الاستفهامية خبر والقارعة مبتدأ ، لا بالعكس ؛ لأن محط الفائدة هو الخبر لا المبتدأ . ولا ريب في أن مدار إفادة الهول والفخامة ههنا ، هو كلمة { مَا } لا { ٱلْقَارِعَةُ } أي : أيُّ شيء عجيب هي في الفخامة والفظاعة ؟ وقد وضع الظاهر موضع الضمير تأكيداً للتهويل وقوله تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } تأكيد لهولها وفظاعتها ، ببيان خروجها عن دائرة علوم الخلق على معنى أن عظم شأنها ومدى شدتها ، بحيث لا تكاد تناله دراية أحد ، حتى يدريك بها . أي : وأي شيء أعلمك ما شأن القارعة ؟ ولما كان هذا منبئاً عن الوعد الكريم بإعلامها ، أنجز ذلك قوله تعالى : { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } أي : هي يوم يكون الناس فيه كالفراش المبثوث في الكثرة والانتشار ، والضعف والذلة والاضطراب ، والتطاير إلى الداعي ، كتطاير الفراش إلى النار . فـ { يَوْمَ } خبر محذوف بني على الفتح ، لإضافته إلى الفعل ، أو هو منصوب . بإضمار ( اذكر ) . كأنه قيل ، بعد تفخيم أمر القارعة وتشويقه عليه الصلاة والسلام إلى معرفتها : اذكر يوم يكون الناس { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } أي : كالصوف المندوف في تفرق أجزائها وتطايرها في الجو . ولما كان من المعلوم أن ذلك اليوم هو اليوم الذي تبتدئ فيه الحياة الآخرة ، وفيها تعرف مقادير الأعمال وما تستحقه من الجزاء ، رتب عليه قوله تعالى : { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ … } .