Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 107-108)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } أي : غير مقطوع ، ولكنه ممتد إلى غير نهاية . وفي التوقيت بـ ( السماوات والأرض ) وجهان : أحدهما : أن يكون عبارة عن التأبيد ونفي الانقطاع ، كقول العرب : ( ما أقام ثَبير ) ، و ( ما لاح كوكب ) و ( ما طما البحر ) ونحوها ، لا تعليق قرارهم في الدارين بدوام هذه السماوات والأرض ، فإن النصوص دالة على تأبيد قرارهم ، وانقطاع دوامهما . وثانيهما : أن يراد سماوات الآخرة وأرضها ، إذ لا بد لأهلها من مظلّ ومقلّ . قال تعالى : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ } [ إبراهيم : 48 ] وقوله : { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ } [ الزمر : 74 ] . فإن قلت : ما معنى الاستثناء بالمشيئة ، وقد ثبت خلود أهل الدارين فيهما من غير استثناء ؟ فالجواب : ما قدمناه في قوله تعالى : { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } [ الأعراف : 188 ] من أن الاستثناء بالمشيئة قد استعمل في أسلوب القرآن ، للدلالة على الثبوت والاستمرار . والنكتة في الاستثناء بيان أن هذه الأمور الثابتة الدائمة إنما كانت كذلك بمشيئة الله تعالى لا بطبيعتها في نفسها ، ولو شاء تعالى أن يغيرها لفعل . وقد أشار لهذا ابن كثير بقوله : يعني أن دوامهم ليس أمراً واجباً بذاته ، بل موكول إلى مشيئته تعالى . وابن عطية بقوله : هذا على طريق الاستثناء الذي ندب الشارع إلى استعماله في كل كلام كقوله : { لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ } [ الفتح : 27 ] فليس يحتاج أن يوصف بمتصل ولا منقطع . وللمفسرين هنا وجوه كثيرة ، وما ذكرناه أحقها وأبدعها . ولما قص تعالى قصص عبدة الأوثان وذكر ما أحله بهم من نقمة ، وما أعدَّ لهم من عذابه قال : { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ … } .