Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 116-116)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَوْلاَ كَانَ } أي : فهلا وجد { مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ } أي بعمل الشرور والمنكرات ، فإنه لو كان منهم ناهون لم يؤخذ الباقون { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ } استثناء منقطع . أي : لكن قليلاً ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد ، وسائرهم تاركون للنهي . لطيفة ( البقية ) إما بمعنى الباقية ، والتأنيث لمعنى الخصلة أو القطعة . أو بقية من الرأي والعقل . أو بمعنى الفضيلة ، والتاء للنقل إلى الاسمية كالذبيحة . وأطلق على الفضل ( بقية ) استعارة من البقية التي يصطفيها المرء لنفسه ، ويدخرها مما ينفقه ، فإنه يفعل ذلك بأنفَسها . ولذا قيل : ( في الزاويا خبايا ، وفي الرجال بقايا ) ، و ( فلان من بقية القوم ) أي : من خيارهم . وجوّز كون ( البقية ) مصدراً بمعنى ( البقوى ) ، كالتقية بمعنى التقوى . أي : فهلا كان منهم ذوو إبقاء على أنفسهم ، وصيانة لها من سخطه تعالى وعقابه . { وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ } أي : ما صاروا منعمين فيه من الشهوات ، حتى فجأهم العذاب ، واتباعه كناية عن الاهتمام به ، وترك غيره ، كما هو دأب التابع للشيء . و { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أعم من المباشرين بأنفسهم للفساد ، ومن تاركي النهي عنه . وقصره الزمخشري على الثاني ، لأنهم المقصود بالنعي قبله ، حيث قال : أراد بـ { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } تاركي النهي عن المنكرات ، أي : لم يهتموا بما هو ركن عظيم من أركان الدين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعقدوا هممهم بالشهوات ، واتبعوا ما عرفوا فيه التنعم والتترف ، من حب الرئاسة والثروة ، وطلب أسباب العيش الهنيء ، ورفضوا ما وراء ذلك ، ونبذوه وراء ظهورهم . { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } أي : باتباعهم المذكور ، أو كافرين . قال القاضي : كأنه أراد أن يبين ما كان السبب لاستئصال الأمم السالفة ، وهو فشو الظلم فيهم ، واتباعهم الهوى ، وترك النهي عن المنكرات مع الكفر ، وقد أشير لذلك بقوله تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ … } .