Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 14-14)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ } أي : بما لا يعلمه غيره من نظم معجز للخلق ، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليها ، { وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي : واعلموا عند ذلك أن لا إله إلا الله ، وأن توحيده واجب ، والإشراك به ظلم عظيم ، { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } أي : مبايعون بالإسلام ، منقادون لتوحيد الله ، وتصديق رسوله ، بعد هذه الحجة القاطعة ؟ لطائف الأولى : قيل : تُحُدُّوا أولاً بعشر سور ، فلما عجزوا تُحُدُّوا بسورة . وذهب المبرد إلى أن الأمر بالعكس ، ووجهه بأن ما وقع أولاً هو التحدي بسورة مثله في البلاغة والاشتمال على ما اشتمل عليه من الإخبار عن المغيبات والأحكام وأخواتها ، وهي الأنواع التسعة المنظومة في قول بعضهم : @ ألا إنما القرآن تسعةُ أحرفٍ سأنبيكهَا في بيت شعر بلا مَلَلْ حلال ، حرامٌ ، مُحْكَمٌ ، مُتَشَابِهٌ بَشِيرٌ ، نذَيِرٌ ، قِصَّةٌ ، عِظَّةٌ ، مَثَلْ @@ فلما عجزوا عن ذلك ، أمرهم بالإتيان بعشر سور مثله في النظم ، وإن لم تشتمل على ما اشتمل عليه ، ويشهد له توصيفها بـ ( مفتريات ) . وقيل : إن التحدي بسورة وقع بعد إقامة البرهان على التوحيد ، وإبطال الشرك ، فتعين أن يكون لإثبات النبوة بإظهار معجزة ، وهي السورة الفذّة . والتحدي بعشر وقع بعد تعنتهم واستهزائهم ، واقتراحهم آيات غير القرآن ، لزعمهم أنه مفترى . فمقامه يناسبه التكثير ، لأنه أمر مفترى عندهم ، فلا يعسر الإتيان بكثير مثله - كذا في العناية . الثانية - ضمير { لَكُمْ } للنبي صلى الله عليه وسلم ، وجمع للتعظيم ، كما في قول من قال : @ وإن شئت حرمت النساء سواكم @@ أَوْ له وللمؤمنين ، لأنهم أتباعه في الأمر بالتحدي ، وفيه تنبيه لطيف على أن حقهم أن لا ينفكوا عنه ، عليه الصلاة والسلام ويناصبوا معه لمعارضة المعارضين ، كما كانوا يفعلونه في الجهاد ، وإرشاد إلى أن ذلك مما يفيد الرسوخ في الإيمان ، والطمأنينة في الإيقان ، ولذلك رتب عليه قوله عز وجل : { فَٱعْلَمُوۤاْ … } إلخ وجوز أن يكون الخطاب في الكل للمشركين من جهته عليه السلام ، داخلاً تحت الأمر بالتحدي ، والضمير في { لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ } لـ { مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ } أي : فإن لم يستجب لكم سائر من تجأرون إليهم في مهماتكم إلى المعاونة ، فاعلموا أن ذلك خارج عن دائرة قدرة البشر ، وأنه منزل من خالق القُوى والقُدَر - كذا في أبي السعود . ثم بين تعالى وعيد من آثر الحياة الدنيا على الآخرة - وهم الكفار - بقوله : { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا … } .