Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 78-78)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } أي : يسرعون كأنما يدفعون دفعاً . وقرئ مبنياً للفاعل . { وَمِن قَبْلُ } أي : قبل مجيئهم { كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي : الفواحش ويكثرونها ، فمرنوا عليها ، وقلّ عندهم استقباحها ، فلذلك جاؤوا مسرعين مجاهرين ، لا يكفهم حياء . فالجملة معترضة لتأكيد ما قبلها . وقيل : إنها بيان لوجه ضيق صدره . أي : لما عرف لوط عادتهم في عمل الفواحش قبل ذلك { قَالَ } أي : لوط { يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } أراد أن يقي أضيافه ببناته ، وذلك غاية الكرم ، أي : فتزوجوهن . أو كان ذلك مبالغة في تواضعه لهم ، وإظهار لشدة امتعاضه ، مما أوردوا عليه ، طمعاً في أن يستحيوا منه ، ويرقوا له إذا سمعوا ذلك ، فيتركوا ضيوفه - هذا ملخص ما في ( الكشاف ) - ومن تابعه - وظاهر أنه ، عليه السلام ، كان واثقاً بأن قومه لا يؤثرونهن بوجه ما ، مهما أطرى وأطنب ، وشوّق ورغّب ، فكان إظهاره وقاية ضيفانه ، وفداءهم بهن ، مع وثوقه المذكور وجزمه - مبالغة في الاعتناء بحمايتهم ، وقياما بالواجب في مثل هذا الخطب الفادح الفاضح ، الذي يدوم عاره وشناره ، من الدفاع عنهم بأقصى ما يمكن ، لكيلا ينسب إلى قصور . وليعلم أن لا غاية وراء هذا لمن لا ركن له من عشيرة أو قبيلة ، فذلك غاية الغايات في حيطتهم ووقايتهم . وفي قوله : { هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } من التشويق ، على مرأى من ضيفانه ومسمع ، ما فيه من زيادة الكرم والإكرام ورعاية الذمام . وبالجملة فهو ترغيب بمُحال الوقوع باطناً ، وإعذارٌ لنزلائه ظاهرا - والله أعلم - وفي هذا إرشاد إلى التطهر بالطرق المسنونة ، وهي النكاح . وإشارة إلى تناهي وقاحة أولئك بما استأهلوا به أخذهم الآتي . { فَاتَّقُواْ اللًّهَ } أي : أن تعصوه بما هو أشد من الزنى خبثا . { وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي } أي : ولا تهينوني وتفضحوني في شأنهم ، فإنه إذا خزي ضيف الرجل أو جاره ، فقد خزي الرجل ، وذلك من عراقة الكرم ، وأصالة المروءة . و { تُخْزُونِ } مجزوم بحذف النون ، والياء محذوفة اكتفاء بالكسرة . وقرئ بإثباتها على الأصل . { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } أي : فيرعوي عن القبيح ، ويهتدي إلى الصواب .