Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 85-85)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيٰقَوْمِ أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ } أي : العدل . قال الزمخشري : فإن قلت : النهي عن النقصان أمر بالإيفاء ، فما فائدة قوله : { أَوْفُواْ } ؟ قلت : نهوا أولاً عن عين القبيح الذي كانوا عليه من نقص المكيال والميزان ، لأن في التصريح بالقبيح نعياً على المنهيّ ، وتعييراً له . ثم ورد الأمر بالإيفاء ، الذي هو حسن في العقول ، مصرحاً بلفظه لزيادة ترغيب فيه ، وبعث عليه . وجيء به مقيداً { بِٱلْقِسْطِ } أي : ليكن الإيفاء على وجه العدل والتسوية ، من غير زيادة ولا نقصان ، أمراً بما هو الواجب . لأن ما جاوز العدل فضل ، وأمر مندوب إليه . وفيه توقيف على أن الموفي ، عليه أن ينوي بالوفاء القسط ، لأن الإيفاء وجه حسنه أنه قسط وعدل . فهذه ثلاث فوائد . انتهى . { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ } أي : لا تنقصوهم حقوقهم بطريق من الطرق ، كالكيل والوزن وغيرهما ، فهو تعميم بعد تخصيص ، لأنه أعم من أن يكون في المقدار وغيره . و ( البخس ) : الهضم والنقص . ويقال للمكس : البخس . قال زهير : @ أفي كلِّ أسواق العراق إِتَاوَةً وفي كلِّ ما باع امرؤٌ بَخْسُ دِرهْمِ ألا تَستَحِي منا مُلُوكٌ وَتَتَّقِي مَحَارِمَنَا . لا تَتَّقِي الدمَ بالدمِ @@ وروي ( مكس درهم ) . يريد زهير : أخذ الخراج ، وما هو اليوم في الأسواق من رسوم وظلم . وكان قوم شعيب يأخذون ، من كل شيء يباع ، شيئاً ، كما تفعل السماسرة ، أو كانوا يمكسون الناس أو كانوا ينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياء ، فنهوا عن ذلك - كذا في ( الكشاف ) و ( شرحه ) . قال القاشاني : لما رأى شعيب عليه السلام ، ضلالتهم بالشرك ، واحتجابهم عن الحق بالجبت ، وتهالكهم على كسب الحطام بأنواع الرذائل ، وتماديهم في الحرص على جمع المال بأسوأ الخصال - نهاهم عن ذلك ، وقال : إني أراكم بخير في استعدادكم من إمكان حصول كمال ، وقبول هداية ، وإني أخاف عليكم إحاطة خطيئاتكم ، لاحتجابكم عن الحق ، ووقوفكم مع الغير ، وصرف أفكاركم بالكلية إلى طلب المعاش ، وإعراضكم عن المعاد ، وقصور هممكم على إحراز الفاسدات الفانيات ، عن تحصيل الباقيات الصالحات ، فلازموا التوحيد والعدالة ، واعتزلوا عن الشرك والظلم ، الذي هو جماع الرذائل ، وأم الغوائل . { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } أي : لا تعملوا فيها بالفساد . يعم أيضاً تنقيص الحقوق وغيره ، كالسرقة والشرك ، والدعاء إليه والصدّ عن الإيمان ونحوها .