Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 102-102)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ } إشارة إلى ما سبق من نبأ يوسف ، البعيد درجةُ كماله في جميع ما لا يتناهى من المحاسن والأسرار حتى صار معجزاً . والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : هذا من أخبار الغيوب السابقة ، نوحيه إليك ، ونعلمك به ، لما فيه من العبرة والاتعاظ . وقوله تعالى : { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } كالدليل على كونه نبأ غيبيّاً ووحياً سماويّاً . أي : لم تعرف هذا النبأ إلا من جهة الوحي ، لأنك لم تحضر إخوة يوسف ، حين أجمعوا أمرهم على إلقاء أخيهم في البئر ، وهم يمكرون به ، إذ حثوه على الخروج معهم ، يبغون له الغوائل ، وبأبيهم في استئذانه ليرسله معهم . أي : فلم تشاهدهم حتى تقف على ظواهر أسرارهم وبواطنها . قال أبو السعود : وليس المراد مجرد نفي حضوره عليه الصلاة والسلام في مشهد إجماعهم ومكرهم فقط ، بل سائر المشاهد أيضاً . وإنما تخصيصه بالذكر لكونه مطلع القصة ، وأخفى أحوالها ، كما ينبئ عنه قوله : { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } والخطاب - وإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم - لكن المراد إلزام المكذبين . والمعنى : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ، إذ لا سبيل إلى معرفتك إياه سوى ذلك ، إذ عدم سماعك ذلك من الغير ، وعدم مطالعتك للكتب ، أمر لا يشك فيه المكذبون أيضاً . ولم تكن بين ظهرانيهم عند وقوع الأمر حتى تعرفه كما هو ، فتبلغه إليهم . وفيه تهكم بالكفار ، فكأنهم يشكون في ذلك فيدفع شكهم . وفيه أيضاً إيذان بأن ما ذكر من النبأ هو الحق المطابق للواقع ، وما ينقله أهل الكتاب ليس على ما هو عليه . يعني : أن مثل هذا التحقيق بلا وحي لا يتصور إلا بالحضور والمشاهدة ، وإذ ليس ذلك بالحضور فهو بالوحي . ومثله قوله تعالى : { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ } [ آل عمران : 44 ] . وقوله : { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } [ القصص : 44 ] . انتهى .