Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 44-44)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالُوۤاْ } أي : الملأ للملك { أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } أي : تخاليطها ، جمع ( ضغث ) . وهو في الأصل ما جمع من أخلاط النبات وحُزِمَ ، ثم استعير لما تجمعه القوة المتخيلة من أحاديث النفس ، ووساوس الشيطان ، وتريها في المنام . و ( الأحلام ) جمع ( حلم ) ، وهو ما يراه النائم ، فهو مرادف للرؤيا ، إلا أنها غلبت في رؤيا الخير ، والشيء الحسن ، وغلب الحكم على خلافه ، وفي الحديث : " الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان " . قال التوربشتي : الحلم عند العرب يستعمل استعمال الرؤيا ، والتفريق من الاصطلاحات التي سنها الشارع للفصل بين الحق والباطل ، كأنه كره أن يسمى ما كان من الله ، وما كان من الشيطان ، باسم واحد ، فجعل الرؤيا عبارة عن الصالح منها ؛ لما في الرؤيا من الدلالة على المشاهدة بالبصر أو البصيرة ، وجعل الحلم عبارة عما كان من الشيطان ، لأن أصل الكلمة لم يستعمل إلا فيما يخيل للحالم في منامه من قضاء الشهوة ، مما لا حقيقة له . انتهى . والمراد بالجمع في ( الأحلام ) ما فوق الواحد ؛ لأنهما حلمان ، رأى كل واحد منهما إثر استيقاظه منه ، كما روي . وفهم بعضهم أنه حلم واحد ، فالتمس للجمع نكتة فقال : إما المبالغة في وصفه بالبطلان ، أو تضمنه أشياء مختلفة . ولا حاجة إليه ، كما بينا . { وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ٱلأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ } يحتمل أن يريدوا بـ { ٱلأَحْلاَمِ } المنامات الباطلة خاصة . أي : ليس لها تأويل عندنا ، وإنما التأويل للرؤيا الصادقة ، وأن يعترفوا بقصور علمهم ، وأنهم ليسوا في التعبير بنحارير . قال الناصر : وهذا هو الظاهر . وحمل الكلام على الأول يصبّره من وادي : @ على لاحبٍ لا يُهتدى بمناره @@ كأنهم قالوا : ولا تأويل للأحلام الباطلة ، فنكون به عالمين . وقول الملك لهم أولا : { إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ } [ يوسف : 43 ] دليل على أنهم لم يكونوا في علمه عالمين بها ، لأنه أتى بكلمة الشك ، وجاء اعترافهم بالقصور مطابقاً لشك الملك الذي أخرجه مخرج استفهامهم عن كونهم عالمين بالرؤيا أو لا . وقول الفتى : { أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ } [ يوسف : 45 ] إلى { لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } [ يوسف : 46 ] دليل أيضاً على ذلك - والله أعلم .