Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 47-49)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ } أي : يوسف له في تأويلها { تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً } أي : دائبين مواظبين كل عام منها { فَمَا حَصَدتُّمْ } أي : من الزرع { فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ } أي : لا تدرسوه ، فإنه أبقى له { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } أي : في تلك السنين ، يعني بقدر ما تأكلون . { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } أي : السبع المذكورات { سَبْعٌ شِدَادٌ } أي : سبع سنين صعاب على الناس ، لقوة القحط { يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } أي : ما رفعتم لهن من الحبوب المتروكة في سنابلها . ولما عبر عن البقرات بالسنين ، نسب الأكل إلى السنين . كما رأى في الواقعة البقرات يأكلن حتى يحصل التطابق بين المعبر وهو المرئي في المنام ، والمعبر به ، وهو تأويله . ولا يتعين المجاز العقلي - أي : يؤكل فيها - كما في : ( نهاره صائم ) لجواز أن يكون مشاكلة حينئذ . { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ } أي : تحرزون وتخبئون للزراعة . { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } أي : السنين الموصوفة بالشدة ، وأكل الغلال المدخرة { عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ } أي : يمطرون من الغيث ، أو يغاثون من القحط ، أو يرفع عنهم مكروهه من الغوث { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } أي : ما كانوا يعصرونه على عادتهم من عنب وزيتون ونحوهما . قال أبو السعود : والتعرض لذكر ( العصر ) ، مع جواز الاكتفاء عنه بذكر ( الغيث ) المستلزم له عادة كما اكتفى به عن ذكر تصرفهم في الحبوب ، إما لأن استلزام الغيث له ليس كاستلزامه للحبوب ، إذ المذكورات يتوقف صلاحها على مباديء أخر غير المطر . وإما لمراعاة جانب المستفتي باعتبار حالته الخاصة به ، بشارة له ، وهي التي يدور عليها حسن موقع تغليبه على الناس ، في القراءة بالفوقانية . وقيل : معنى { يَعْصِرُونَ } يحلبون الضروع . انتهى . واللفظ بعموم معناه يشمله ؛ لأن الحلب فيه عصر الضرع ليخرج الدر . قال الزمخشري : تأول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخاصيب ، والعجاف واليابسات بسنين مجدبة ، ثم بشرهم بعد الفراغ من تأويل الرؤيا بأن العام الثامن يجيء مباركاً خصيباً ، كثير الخير ، غزير النعم ، وذلك من جهة الوحي . تنبيه قال في ( الإكليل ) : هذه الآية من أصول التعبير . وفيها أيضاً صحة رؤيا الكفار ، وجواز تسميته ملكاً ، وأن قولنا ( الرؤيا لأول عابر ) ليس في كل رؤيا ؛ لأنهم قالوا : { أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } [ يوسف : 44 ] ، ولم تسقط بقولهم ذلك ، فتخص القاعدة بما يحتمل من الرؤيا وجوها فيعبر بأحدها ، فيقع عليه ، وفي قوله : { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ } إلخ زيادة على ما وقع السؤال عنه ، فيستدل به على أنه لا بأس بذلك في تعبير الرؤيا والفتوى . انتهى .