Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 94-94)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ } أي : خرجت من مصر . يقال : فصل القوم عن المكان وانفصلوا ، بمعنى فارقوه . { قَالَ أَبُوهُمْ } أي : لحفدته ومن حوله من قومه ، من عظم اشتياقه ليوسف ، وانتظاره لرَوْح الله : { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } الريح : الرائحة ، توجد في النسيم . لأتنسم رائحته مقبلة إليّ . كناية عن تحقق وجوده بما ألقى الله في روعه من حياته ، وساق إليه من نسائم البشارة الغيبية بسلامته . وقد كان عظم رجاؤه بذلك من مولاه ، ووثق بنيل مأموله ومبتغاه ، ولذلك نهى نبيه عن الاستيئاس من روح الله . وإذا دنا أجل الضراء ، أخذت تهب نسائم الفرج حاملة عَرْف السراء . يدري ذلك كل من قوي إحساسه ، وعظمت فطنته ، واستنارت بصيرته ، فيكاد أن يلمس في نهاية الشدة زهر الفرَج ، ولا يحنث إن آلى أنه يجد من نسيمه أزكى الفرج . عرف ذلك من عرف ، فأحرى بمن نالوا من النبوة ذروة الشرف . وإضافة الريح إلى الولد معروفة في كلامهم . وفي حديثٍ عند الطبرانيّ : ريح الولد من ريح الجنة . وقال الشاعر : @ يا حبذا ريحُ الْوَلَد ْ رِيح الخُزَامَى في الْبَلَدْ @@ وقوله : { لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } بمعنى : إلا أنكم تفندون . أو لولاه لصدقتموني . و ( فنّده ) نسبه إلى الفَنَد بفتحتين ، وهو ضعف الرأي والعقل من الهرم وكبر السن . قال في ( العناية ) : مأخوذ من الفند ، وهو الحجر والصخرة ، كأنه جعل حجراً لقلة فهمه ، كما قال : @ إذا أنت لم تعشقْ ولم تَدْرِ مَا الْهَوىَ فكن حَجَراً من يَابِسِ الصَّخْرِ جَلْمَدَا @@ ثم اتسع فيه فقيل : فنده ، إذا ضعّف رأيه ، ولامه على ما فعله .