Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 14-14)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ } أي : الدعاء الحق بالعبادة والتضرع والإنابة ؛ وتوجيه الوجه ثابت له تعالى لا لغيره ، لأنه الذي يجيب المضطر ويكشف السوء . فهو الحقيق بأن يعبد وحده بالدعاء والالتجاء . فإضافة الدعوة للحق من إضافة الموصوف للصفة . وفيها إيذان بملابستها للحق ، واختصاصها به ، وكونها بمعزل من شائبة البطلان والضياع والضلال . كما يقال : كلمة الحق . ثم بين تعالى مثال من يعبد من الأصنام ويدعى ، في عدم النفع والجدوى بقوله : { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } أي : الأصنام الذين يدعوهم المشركون من دونه تعالى { لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ } أي : من مطلوباتهم { إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ } أي : إلا استجابة كاستجابة باسط كفيه أي كاستجابة الماء لمن مدّ يديه إليه يطلب منه أن يبلغ فاه ، والماء جماد لا يشعر ببسط كفه ولا بظمأه وحاجته إليه . فلا يقدر أن يجيب دعاءه ويبلغ فاه . وكذلك ما يدعونه جماد لا يحس بدعائهم ولا يستطيع إجابتهم ولا يقدر على نفعهم ! والغرض نفي الاستجابة على القطع بتصوير أنهم أحوج ما يكونون إليها لتحصيل مباغيهم ، أخيب ما يكون أحد في سعيه لما هو مضطر إليه فضلاً عن مجرد الحاجة . وحاصله : أنه شبه آلهتهم - حين استكفائهم إياهم ما أهمهم بلسان الاضطرار في عدم الشعور فضلاً عن الاستطاعة للاستجابة ، وبقائهم لذلك في الخسران - بحال ماء بمرأى من عطشان باسط كفيه إليه يناديه عبارة وإشارة ، فهو لذلك في زيادة ظمأ وشدة خسران ! والتشبيه على هذا من المركب التمثيليّ في الأصل ، أبرز في معرض التهكم حيث أثبت للماء استجابة ، زيادة في التخسير والتحسير . فالاستثناء مفرغ من أعم عام المصدر ، أي : لا يستجيبون شيئاً من الاستجابة ، والضمير في { هُوَ } للماء و { بَالِغِهِ } للفم ، وقيل : الأول للباسط ، والثاني للماء . وبسط الكف نشر الأصابع ممدودة كما في قوله : @ تَعَوَّدَ بَسْطَ الكفِّ حتى لو أنّه أرادَ انقباضاً لم تُطِعْهُ أناملُهْ @@ { وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } أي : عبادتهم والتجاؤهم لآلهتهم { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } أي : في ضياع لا منفعة فيه لعدم إمكان إجابتهم .