Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 16-16)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : خالقهما { قُلِ ٱللَّهُ } أمر بالجواب من قِبَلِه عليه الصلاة والسلام ، إشعاراً بتعينه للجواب ، فهو والخصم في تقريره سواء . أو أمره بحكاية اعترافهم ، إيذاناً بأنه أمر لابد لهم منه . كأنه قيل : احك اعترافهم فبكتهم بما يلزمهم من الحجة : { قُلْ } أي : إلزاماً لهم وتبكيتاً { أَفَٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } أي : أَبَعْدَ أن علمتموه رب السماوات والأرض ، عبدتم من دونه غيرَه فجعلتم ما كان يجب أن يكون سبب التوحيد من علمكم وإقراركم ، سبب الإشراك ؟ - أفاده الزمخشريّ . { لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً } أي : لا يقدرون على نفع أنفسهم ولا على دفع الضر عنها . فكيف يستطيعونه لغيرهم ؟ فإذن عبادتهم محض العبث والسفه ! { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ } لّما بيّن ضلالهم وفساد رأيهم في الحجة المذكورة ، بين أن الجاهل بها يكون كالأعمى ، والعالم بها كالبصير ، والجهل بمثلها كالظلمات ، والعلم بها كالنور ! وكما أن كلّ أحد يعلم بالضرورة أن الأعمى لا يساوي البصير والظلمة لا تساوي النور ، كذلك كل أحد يعلم بالضرورة أن الجاهل بهذه الحجة لا يساوي العالم بها ! { أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ } أي : بل أجعلوا ، والهمزة للإنكار ؛ وقوله : { خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ } صفة لـ { شُرَكَآءَ } داخلة في حكم الإنكار { فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ } أي : خلق الله وخلقهم ؛ والمعنى : أنهم ما اتخذوا لله شركاء خالقين مثله حتى يتشابه عليهم الخلق ، فيقولوا هؤلاء خلقوا كما خلق الله فاستحقوا العبادة كما استحقها . ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق ، فضلاً عما يقدر عليه الخالق . قال الناصر : وفي قوله تعالى : { خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ } في سياق الإنكار ، تهكم بهم ؛ لأن غير الله لا يخلق خلقاً البتة ، لا بطريق المشابهة والمساواة لله ، تقدس عن التشبيه ؛ ولا بطريق الانحطاط والقصور ، فقد كان يكفي في الإنكار عليهم ، أن الشركاء التي اتخذوها لا تخلق مطلقاً ، ولكن جاء في قوله تعالى : { كَخَلْقِهِ } تهكم يزيد الإنكار تأكيداً ! { قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } أي : لا خالق غير الله ، ولا يستقيم أن يكون له شريك في الخلق ، فلا يكون له شريك في العبادة ! { وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ } أي : المتوحد بالربوبية { ٱلْقَهَّارُ } الذي لا يغالب ، وما عداه مربوب ومقهور ! ثم ضرب تعالى مثلين للحق في ثباته وبقائه ، والباطل في اضمحلاله وفنائه بقوله : { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ … } .